تشهد الأوساط السياسية الليبية جدلاً واسعًا حول مقترح جديد يقضي بتقسيم البلاد إلى 13 محافظة بصلاحيات موسعة، في خطوة تهدف إلى تقليص هيمنة السلطة المركزية وتعزيز نظام الحكم اللامركزي. هذه المبادرة، التي طرحها عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، أثارت ردود فعل متباينة بين المؤيدين الذين يرون فيها حلاً للأزمة السياسية، والمعارضين الذين يعتبرونها خطوة قد تزيد من تعقيد الوضع الراهن.
وفقًا لما أعلنه اللافي، فإن المبادرة تستند إلى تقسيم ليبيا إلى 13 محافظة تُمنح سلطات موسعة في إدارة شؤونها المالية والإدارية، مع ضمان توزيع عادل للميزانية الوطنية بين هذه المحافظات. وأوضح اللافي، عبر منشور على صفحته في “فيسبوك”، أن الهدف من المقترح هو الحد من المركزية المتغولة في العاصمة، مما يمنح الأقاليم حرية أكبر في اتخاذ القرارات التنموية والخدمية.
إلا أن المقترح لم يوضح ما إذا كان هذا النظام سيعتمد على نموذج رئاسي أم برلماني، الأمر الذي يترك تساؤلات حول طبيعة الهيكل السياسي الذي سيتبناه المجلس الرئاسي في المستقبل.
يرى بعض الخبراء أن المقترح قد يساعد في تنظيم الحكم المحلي وتعزيز الإدارة اللامركزية، إلا أن آخرين يشككون في إمكانية تطبيقه على أرض الواقع. في هذا السياق، أوضح المحلل السياسي علي حمزة أن فكرة تقسيم ليبيا إلى محافظات ليست جديدة، إذ نادى بها العديد من الخبراء كوسيلة لتعزيز الإدارة المحلية.
لكن حمزة أشار في تصريحات صحفية رصدتها أخبار ليبيا 24 إلى أن الأزمة الليبية لا تتعلق فقط بمركزية الحكم، بل ترتبط أيضًا بانقسام سياسي عميق وانعدام الشرعية في المؤسسات الحالية، مما يجعل تنفيذ المقترح أمرًا صعبًا. كما شدد على أن المجلس الرئاسي ليست لديه سلطة تشريعية تمكنه من إصدار قوانين انتخابية جديدة.
من جهته، أكد عضو التجمع السياسي للجنوب، وسام عبد الكبير، أن “تغوّل المركزية في طرابلس وسيطرتها على كافة مستويات السلطة ساهم في تأجيج الصراع السياسي والاقتصادي في البلاد”. وأضاف أن توزيع الصلاحيات على المحافظات قد يخفف من حدة الصراع على الموارد المالية، لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات السياسية إذا لم يتم التوافق على آلية واضحة لتنفيذه.
أما عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، فقد قدم طرحًا مختلفًا، حيث يرى أن الحل يكمن في انتخاب رئيس لكل إقليم من الأقاليم الثلاثة (برقة، طرابلس، فزان)، بحيث يكون لكل إقليم حكومة ومجلس تشريعي مستقل، بينما يتناوب الرؤساء الثلاثة على قيادة المجلس الرئاسي بشكل دوري.
في ظل تصاعد الجدل، اقترح رئيس المجلس الرئاسي اللجوء إلى استفتاء شعبي لحسم الخلافات المتعلقة بالقوانين الانتخابية، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تكون أسرع طريق نحو إجراء انتخابات حرة وشفافة.
ومع استمرار التباين في المواقف، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة هذه المبادرات على تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة الليبية، أم أنها ستظل مجرد مقترحات نظرية في ظل غياب توافق سياسي شامل.