تشهد الأسواق الليبية موجة جديدة من الغلاء طالت أسعار اللحوم، مما زاد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى. فقد سجلت أسعار اللحوم في ليبيا ارتفاعًا بنسبة تتراوح بين 15 و20% مقارنة بالفترة التي سبقت شهر رمضان، مما يجعل الأضاحي القادمة تحديًا ماليًا إضافيًا للأسر التي تعاني بالفعل من ضعف القوة الشرائية.
ارتفاع الأسعار وتحول اللحوم إلى سلعة رفاهية
كانت اللحوم سابقًا عنصرًا أساسيًا في النظام الغذائي لليبيين، لكنها أصبحت اليوم ترفًا لا يستطيع الكثيرون تحمله. حيث وصل سعر الكيلوغرام من لحم الضأن والماعز المحلي إلى ما بين 85 و90 دينارًا، بينما بلغ سعر لحم الإبل 65 دينارًا للعظم و80 للهبرة. أما لحوم الأبقار، فقد تراوحت بين 45 دينارًا للعظم و55 للهبرة، في حين تتراوح أسعار الدجاج بين 11.75 و14.5 دينارًا للكيلوغرام.
ضعف الرواتب أمام موجة الغلاء
رغم إقرار جدول المرتبات الموحد عام 2022، إلا أن الأجور لا تزال غير قادرة على مجاراة الارتفاع الحاد في الأسعار. إذ يتراوح الحد الأدنى للأجور في ليبيا بين 950 دينارًا (نحو 150 دولارًا) و3000 دينار (حوالي 450 دولارًا)، وهي مبالغ بالكاد تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية. المواطن محمد المرغني، متقاعد براتب 950 دينارًا، يقول: “لم يعد بإمكاني شراء اللحم، فسعر الكيلو الواحد يعادل 3 أيام من راتبي.”
اعتماد متزايد على اللحوم المجمدة
نتيجة لهذا الوضع، أصبح الإقبال على اللحوم المجمدة المستوردة مرتفعًا، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقر المستورد ما بين 32 و35 دينارًا، ولحم الخروف الأسترالي المجمد بين 33 و35 دينارًا. وتشير تقارير إلى أن قيمة واردات اللحوم المجمدة ارتفعت من 343 مليون دولار في 2022 إلى 520 مليون دولار في 2023، مما يبرز اعتماد السوق الليبي المتزايد على الاستيراد لتعويض النقص المحلي.
أزمة الثروة الحيوانية في ليبيا
يؤكد لطفي محمد بكار، المستشار الفني بوزارة الزراعة والثروة الحيوانية، أن تناقص الثروة الحيوانية يعود إلى عدة عوامل، أبرزها تهريب المواشي بسبب الانفلات الأمني، وتدهور سعر الدينار الليبي، إضافة إلى قلة الأمطار وتراجع المراعي الطبيعية. ووفقًا لإحصائيات 2023، فإن عدد الأغنام في ليبيا يبلغ 3.9 مليون رأس، والماعز 1.08 مليون رأس، والإبل 109 آلاف رأس، والأبقار 120 ألف رأس، وهي أرقام غير كافية لتغطية الطلب المحلي.
فوضى اقتصادية وغياب الرقابة الحكومية
يشتكي المواطنون من غياب التدخل الحكومي لضبط الأسعار ووضع حلول لمشكلة الغلاء المتفاقمة. ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الشيباني: “لن تنجح أي إصلاحات اقتصادية طالما بقيت الإيرادات خارج السيطرة.” كما يشير إلى أن استمرار السحب من الاحتياطي النقدي وعدم إقرار موازنة للدولة حتى مارس 2025 يفتح الباب أمام مزيد من الأزمات الاقتصادية.
ختامًا.. معاناة متصاعدة
يبدو أن الليبيين مقبلون على مرحلة أكثر صعوبة اقتصاديًا، إذ تزداد الأسعار دون وجود خطط واضحة لحل الأزمة. ومع استمرار انكماش القدرة الشرائية، يبقى السؤال: إلى متى يستطيع المواطن الليبي تحمل أعباء هذه الأزمة؟