في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، أبدى أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، الدكتور عطية الفيتوري، استياءه الشديد من لجوء مصرف ليبيا المركزي مجددًا إلى تخفيض قيمة الدينار الليبي، معتبرًا أن هذه الخطوة تفتقر إلى الرؤية الاقتصادية الصحيحة، ولن تفضي إلى حلول حقيقية للأزمات المالية المتفاقمة في البلاد.
وقال الفيتوري إن الاعتماد على خفض قيمة العملة المحلية لمواجهة العجز في الميزانية أو شح العملات الأجنبية لم يعد مجديًا، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت فشل هذا النهج. وذكّر بأن أول عملية تخفيض كبيرة لقيمة الدينار حدثت في عام 2021، حيث تم خفضه بنسبة 70% مقابل الدولار الأمريكي، على أمل تقليل الطلب على العملة الأجنبية وتحقيق توازن في الميزانية، غير أن النتيجة لم تكن على قدر التوقعات، ولم يتحقق الهدف المعلن.
وأضاف أن الخطوات التي تلت ذلك – مثل فرض رسوم بنسبة 27% على بيع الدولار في عام 2023، ثم 15% في عام 2024 – لم تؤتِ ثمارها أيضًا، إذ لم تقلل من الطلب على الدولار، ولم تزد من الموارد الحكومية كما كان متوقعًا.
وأردف قائلاً: “الآن نشهد تخفيضًا جديدًا بنسبة 13.3%، والسؤال المطروح: ماذا ينتظر المصرف المركزي؟ هل سيتحقق شيء مختلف هذه المرة؟ الإجابة الواضحة هي لا”، مشددًا على أن هذه السياسة قد تؤدي إلى مزيد من التدهور في قيمة الدينار، وتخلق موجة تضخمية جديدة، ستدفع المواطنين للمطالبة برفع الأجور، ما يزيد العبء المالي والاقتصادي.
وانتقد الفيتوري البيان الذي أصدره المصرف المركزي مؤخرًا بشأن هذا التخفيض، ووصفه بـ”الباهت” والذي يخلو من الرؤية والإجراءات الحاسمة. وأوضح أن المصرف اكتفى بسرد الأحداث دون تفعيل أدواته القانونية أو اتخاذ قرارات تتماشى مع دوره الرقابي.
وأشار إلى أن الميزانية العامة للدولة تصدر بقانون من السلطة التشريعية، ويُحدد هذا القانون مصادر الإيرادات وأوجه الإنفاق بوضوح، وإذا وُجد عجز، يحدد القانون كيف سيتم تغطيته، لكن ما يحدث الآن هو تجاهل لتلك الآليات، مما يُعد مخالفة صريحة للقانون المالي.
ووجه الفيتوري انتقادًا مباشرًا للمصرف المركزي، معتبرًا أنه فقد دوره الحقيقي في حماية استقرار قيمة العملة، وقال: “لو كنت مكان المحافظ أو عضوًا في مجلس الإدارة، لقدّمت استقالتي فورًا، لأنني عاجز عن أداء وظيفتي الأساسية”. كما دعا إلى ضرورة قيام المصرف بدوره في توجيه الحكومات بعدم التوسع في الإنفاق، وإن تطلب الأمر مواجهتها أو رفض التعاون معها عند تجاهل رأيه المهني.
وختم بالقول إن الاستمرار في هذه السياسات من دون مراجعة أو شفافية سيؤدي إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية أكبر قد يصعب علاجها لاحقًا، داعيًا إلى نهج إصلاحي جاد ينطلق من احترام القانون الاقتصادي ومبادئ الاستدامة المالية.