أعلنت صحيفة «لاديجي» الإيطالية، أن آلاف العائلات الإيطالية النازحة قسرياً من ليبيا عام 1970 تطالب بالتعويضات.
وقالت الصحيفة نقلا عن فرانشيسكا برينا ريكوتي رئيسة رابطة «الإيطاليين العائدين من ليبيا»، في تقرير رصدته وترجمته «الساعة 24»: “ظلت مسألة التعويضات مفتوحة لفترة طويلة جدًا: بعد أكثر من خمسة وخمسين عامًا، حان الوقت لوضع حد لهذا الظلم الذي طال أمده. إننا نتوقع من المؤسسات أن تتصرف بمسؤولية وشجاعة، وأن تقدم أخيرًا إجابة أكيدة وكريمة ونهائية لأولئك الذين فقدوا كل شيء وظلوا طيّ النسيان لفترة طويلة”.
وأضافت ريكوتي: “21 يوليو 1970 تاريخٌ مرّ مرور الكرام في الذاكرة الجماعية الوطنية. لكن بالنسبة لآلاف العائلات الإيطالية، يُمثّل هذا التاريخ جرحًا غائرًا، ظلمًا لا يزال يندمل بعد 55 عامًا. في ذلك اليوم، أمر معمر القذافي بمصادرة جميع ممتلكات الإيطاليين المقيمين في ليبيا: منازل، أنشطة اقتصادية، أراضي زراعية، حسابات مصرفية، إلخ. ولم يكن هناك وقتٌ للفهم، أو التنظيم، أو الدفاع عن النفس. حان وقت الإعلان، وسُلب منا كل ما بُني في حياتنا”.
وتابعت مثّل هذا الفعل بداية نزوحٍ قسريٍّ انتهى، في غضون أشهر قليلة، بالطرد النهائي للجالية الإيطالية بأكملها من ليبيا، والذي اكتمل في أكتوبر من العام نفسه. أُجبر الكثير منا على مغادرة ذلك البلد حاملين حقائب قليلة وذكرياتٍ مُخبأة في ملابسنا ووثائقنا وصورنا المحفوظة على عجل. كنا حوالي عشرين ألفًا: إيطاليون ولدوا في ليبيا أو وصلوا إليها شبابًا، يحملون حقائبهم المفعمة بالأمل، وأيديهم جاهزة للبناء. عشنا في تلك الأرض باحترام والتزام، مندمجين، نعمل بجد، ونساهم في نمو بلد شعرنا فيه كأنه وطننا. طرابلس، بنغازي، الخمس، مصراتة: لم تكن مجرد أسماء على الخريطة، بل كانت مدننا. حملت الطرقات خطواتنا، والحقول عملنا، والبيوت صدحت بأصواتنا، ضحكاتنا، وأحزاننا”.
وتابعت “عندما عدنا إلى إيطاليا التي كنا نسميها الوطن الأم، استقبلنا ببرود، أحيانًا بعدم ثقة، وفي أغلب الأحيان بلا مبالاة. لم تكن هناك استراتيجية ملموسة لإعادة إدماجنا. لم يكن هناك اعتراف. لقد أصبحنا “عائدين” و”لاجئين”، كما لو أن ارتباطنا بإيطاليا مجرد علاقة بيروقراطية، لا عاطفية ولا هوية”.
واستطردت “رغم الأحداث، لا نحمل ضغينة للشعب الليبي. لم يوجه غضبنا قط نحو ذلك البلد، ولم يتحول حنيننا إلى انتقام أعمى. في ليبيا، كان لنا جيران أحبونا، وأصدقاء ساندونا في أوقات الشدة، وعمال تقاسمنا معهم الخبز والكدح. ومع الكثيرين منهم، لا تزال تربطنا بهم علاقة صداقة، وأمل مشترك في مستقبل أفضل لليبيا. إننا اليوم، ونحن نحيي ذكرى 21 يوليو 1970، لا نحيي ذكرى خسارة فحسب، بل نريد أن نطالب بحق أساسي: الحق في الذاكرة، وفي الحقيقة التاريخية والعدالة. فالذاكرة ليست فقط واجبًا تجاه أولئك الذين عايشوا تلك المصادرة على أنفسهم، بل هي إرث جماعي يجب حمايته ونقله”.