قالت المستشارة في السياسات العامة الخارجية د. صالحة اشتيوي، إن حادثة إطلاق النار الأخيرة على سفينة أوشن فايكنغ قبالة السواحل الليبية تحمل في طياتها رسائل سياسية وأمنية عميقة تعكس حالة التوتر والاختلال في معالجة ملف الهجرة والتهريب بالبحر المتوسط، ولا سيما في ظل الانقسام السياسي الليبي وتعقيد المشهد الإقليمي والدولي.
وأضافت اشتيوي، أن الحادث يجب قراءته كتحذير ضمني لأي جهة تحاول التدخل في ملف الهجرة داخل المياه الليبية دون تنسيق مباشر مع الأطراف الليبية المعنية، خاصة بعد أن تم مؤخرًا السماح لسفينة محملة بالأسلحة بالمرور، في خرق واضح لكل الأعراف والقرارات الدولية المتعلقة بحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وأشارت إلى أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، وإنما تمثل تكرارًا لسيناريوهات مشابهة تؤكد غياب آليات رقابة فعالة، وتحوّل العديد من الأطر الدولية، المفترض أنها تعمل على حفظ السلام، إلى أدوات تساهم – عن قصد أو دون قصد – في تغذية النزاعات وانتهاك السيادة الليبية.
وتابعت: «نحن أمام أزمة تتجاوز ليبيا كدولة، لتفضح خللًا بنيويًا في النظام الأمني الدولي برمّته؛ فالمهاجرون الذين يفرون من الحروب في السودان وأفريقيا الوسطى وغيرها، يجدون أنفسهم بين فكي كماشة: تجّار بشر من جهة، وسياسات أوروبية انتقائية من جهة أخرى».
وانتقدت المستشارة، أداء بعثة “إيريني” التابعة للاتحاد الأوروبي، التي أنشئت بهدف تنفيذ حظر السلاح على ليبيا ومكافحة تهريب البشر والوقود عبر البحر، قائلة إن «البعثة أخفقت منذ انطلاقها في تحقيق أهدافها المعلنة، بل وُجهت لها اتهامات بأنها تعمل وفق أجندات بعض الدول الأوروبية التي تضع مصالحها الاقتصادية والسياسية فوق أي اعتبار إنساني أو قانوني».
واستكملت: «أداء البعثة بات مرتهنًا لتوجهات دول مثل إيطاليا، التي تملك مصالح تجارية واسعة في ليبيا، فهناك انحياز واضح في آليات عمل إيريني، وهو ما يفتح المجال أمام المهربين لتجنب الرقابة وفتح ممرات جديدة – بعضها جوي – لإمداد الأطراف الليبية بالسلاح، في مخالفة صريحة لمهام البعثة».
ودعت اشتيوي، إلى إعادة تقييم العلاقة مع البعثات الدولية والأوروبية العاملة في ليبيا، مؤكدة أن الشعب الليبي لا يمكن أن يكون ضحية لصراعات دولية وإقليمية تتعامل مع ليبيا كمسرح نفوذ.