اعتبر المحلل السياسي بقنوات الإخوان المسلمين، عبدالسلام الراجحي، أن حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي مسؤولان عن الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة المتورطين.
وقال الراجحي في مداخلة عبر قناة ليبيا الأحرار، إن “الحوار الجاري حاليًا برعاية البعثة الأممية يمثل فرصة حقيقية لتفادي التصعيد العسكري في العاصمة طرابلس”، مشددًا على أن “أي مواجهة في المدينة ستكون كارثية للجميع، دون منتصر”.
وأضاف أن “الدور التركي أصبح محوريًا في الحوارات السياسية، إلى جانب دور الأمم المتحدة”، معتبرًا أن “هذه الأطراف تسعى بجدية لخفض التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع نحو حرب جديدة”.
وأشار إلى أن “الواقع الميداني المتوتر يجعل بداية المعركة في أي لحظة، إلا أن جميع الأطراف تدرك أن “بداية الحرب سهلة، لكن إنهاءها صعب”، حسب تعبيره”.
وأكد الراجحي أن “المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على حكومة الدبيبة وجهاز الردع”، مطالبًا الطرفين بـ “تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والدينية والاجتماعية تجاه الشعب، والدفع باتجاه حوار جاد يمنح الأولوية للحل السياسي، حتى لو استغرق وقتًا أطول، بدلًا من الذهاب نحو مواجهة مسلحة”.
وأضاف أن “الضغوط الدولية والإقليمية تمارس بشكل واضح على الطرفين، مما يمنح المفاوضات الحالية طابعًا أكثر جدية، خاصة في ظل وجود متابعة مباشرة من بعثة الأمم المتحدة ودور نشط من تركيا”.
وفي سياق حديثه عن الإصلاحات، وجّه الراجحي انتقادًا لحكومة الدبيبة، مشيرًا إلى أن “الدبيبة وعد الشعب قبل 90 يومًا بإطلاق حوار مجتمعي واسع، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومكافحة الفساد، إلا أن شيئًا من ذلك لم يتحقق حتى اليوم”، مطالبًا “الحكومة بتقديم نموذج يُحتذى به يعزز مصداقيتها.
كما طالب الراجحي قوات الردع الخاصة بأن “تقوم بدور إيجابي، يتمثل في تسليم بعض المرافق للدولة، وتسليم الأشخاص المطلوبين”، معتبرًا ذلك “خطوة ضرورية لإنجاح الحوار وخلق مناخ من الثقة المتبادلة”.
وأكد على “ضرورة استمرار الضغط عبر الحوار، وعدم التراجع عنه”، مشددًا على أن “التوافق الوطني هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار وتجنب كوارث الحرب، التي سيكون الخاسر الأكبر فيها هو المدني البسيط”.
كما انتقد الراجحي بشدة أداء حكومة الدبيبة، مؤكدًا أنها “لم تفتح حوارًا مجتمعيًا حقيقيًا ولم تقدم نموذجًا إصلاحيًا يُحتذى به، لا على المستوى الأمني ولا الإداري”. مبيناً أن “الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الدبيبة تدار بمنطق “القرابة والمحسوبية”، حيث يتم التحكم بها من قبل أفراد من عائلة واحدة، دون وجود نموذج فعّال يمكن الوثوق به.
وأضاف أن حكومة الدبيبة “لم تقدم أي تطمينات جدية بأن الهدف من الإجراءات الأمنية هو الإصلاح”، مشيرًا إلى أن “الرسالة لم تُقدَّم لا للمجتمع ولا حتى لأجهزة الأمن نفسها”.
كما حمّل جهاز الردع مسؤولية “عدم احترام المؤسسة القضائية”، مستنكرًا “ظهور مطلوبين للنائب العام في مناسبات عامة، رغم الادعاء بأن الجهاز يعمل تحت مظلة القضاء”.
وأوضح الراجحي أن “الأوضاع الأمنية في المناطق التي دخلتها حكومة الدبيبة، مثل أبو سليم، زادت من فقدان الثقة”، مشيرًا إلى “وقوع اعتداءات وسرقات، في ظل غياب النموذج الأمني القوي”.
وأكد أن “الشارع الليبي لا يتعاطف مع أي من الطرفين – لا حكومة الدبيبة ولا الردع – بل يطالب بإصلاحات حقيقية، واحترام القضاء، وإطلاق سراح من حصلوا على أحكام بالبراءة”.
وشدد على أن “الضغط الشعبي يجب أن يكون مزدوجًا”، داعيًا إلى “استغلال الفرصة الحالية لمنع اندلاع حرب جديدة، والمطالبة بحوار يؤدي إلى إصلاحات حقيقية تشمل كل من الحكومة وجهاز الردع”.
كما وجّه الراجحي انتقادات حادة إلى المجلس الرئاسي، الذي زاد من تفاقم الأزمة عندما أعاد تفعيل أجهزة أمنية متهمه بارتكاب انتهاكات جسيمة، دون تقديم اعتذار أو مساءلة، مشيرًا إلى أن “هذا التصرف يمنح تلك الجهات شرعية جديدة بدلاً من محاسبتها”.
وانتقد الراجحي بشكل خاص أداء عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، واعتبره مسؤولًا جزئيًا عن تدهور الوضع، كما تساءل عن غياب محمد المنفي وعدم وضوح موقفه من الأزمة.
ودعا الرئاسي إلى “الخروج باعتذار رسمي عن الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة التابعة له”، مطالبًا بـ “تفكيك هذه التشكيلات التي قال إنها ارتكبت “جرائم في حق الليبيين”، بدلًا من”إعادة هيكلتها فقط دون محاسبة”.
كما انتقد ما وصفه بـ “الثراء غير المشروع” لبعض المسؤولين، متسائلًا عن “مصدر ثروات ضخمة اكتُشفت في حسابات موظفين حكوميين في الخارج، ومصادر تمويل لمظاهر البذخ التي يظهر بها بعض الوزراء، في وقت تعاني فيه البلاد من تردي الخدمات وسوء الإدارة. وطالب بالكشف عن الجهات المسؤولة عن الفساد”.
وأكد أن استمرار “حكومة الدبيبة والمجلس في تجاهل مطالب الإصلاح والمحاسبة سيزيد من فقدان ثقة المواطنين”، مشددًا على أن “الإصلاح الحقيقي يبدأ من محاربة الفساد ومحاسبة المتورطين، وليس بتجاهل الحقائق أو التستر عليها”.
وطالب الراجحي في ختام حديثه الدبيبة وقائد جهاز الردع عبد الرؤوف كاره بتحمل مسؤولياتهم الدينية والقانونية والأخلاقية، والعمل على تجنب أي صراع مسلح داخل العاصمة طرابلس، مشددًا على “ضرورة تحكيم صوت العقل واتخاذ خطوات إصلاحية جادة داخل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الأجهزة الأمنية”.
كما دعا إلى “تطهير جهاز الردع الخاصة من كافة العناصر والقيادات التي يشتبه بضلوعها في جرائم أو انتهاكات لحقوق الإنسان أو اختلاسات مالية، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوات هي السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الليبيين بالمؤسسات الأمنية”.
وأشار إلى أن أي “تجاوزات من قبل أفراد جهاز الردع أو الأجهزة التابعة للحكومة يجب التعامل معها بحزم وتسليم المتورطين إلى العدالة”، مضيفًا أن “الإصلاح هو الحل”، وأن الوضع قد يتجه إلى الأسوأ في حال استمرار ما وصفه بـ “الخروقات والانتهاكات”.
وشدد على ضرورة “التمييز بين المتهمين الذين لم تثبت إدانتهم بعد، والمجرمين الذين تثبت إدانتهم”، قائلًا: “من لم تثبت عليه التهمة فليُحاكم ويأخذ براءته، ومن ثبتت عليه الجريمة يجب تطهير الجهاز منه فورًا”.
وختم الراجحي بالتأكيد على أن “حكومة الدبيبة والأجهزة الأمنية مسؤولة أمام الله والقانون والشعب”، داعيًا إلى “حماية الليبيين من الفاسدين والمجرمين والمنتهكين سواء داخل حكومة الدبيبة أو في جهاز الردع الخاصة”.