ليبيا الان

الديبانى: ما يجري في طرابلس أخطر من “فجر ليبيا”

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

قال الباحث السياسي عبدالله الديباني، إن التصعيد العسكري غير المسبوق الذي تشهده العاصمة طرابلس، والمدن والمناطق المجاورة لها، قد يتجاوز العاصمة ويهدد بإعادة البلاد إلى مربع الفوضى والانقسام.

وأكد الديباني، في مقابلة مع قناة “ليبيا الحدث”، أن ما يحدث لا يمكن وصفه بتحشيد عسكري تقليدي، بل هو شكل جديد من “سوق الرقيق”، تُستغل فيه حاجة الشباب عبر إغرائهم بمبالغ مالية للانخراط في العمليات المسلحة، حيث تُعرض عليهم أجور تصل إلى أربعة آلاف دينار أسبوعيًا، لكنها تُقلَّص لاحقًا إلى 2400 دينار، وكأن حياة الشاب باتت تُسعَّر بمبلغ زهيد، في ظل غياب واضح لسلطة الدولة، والفشل في تنفيذ أي مسار أمني أو إصلاحي حقيقي.
وأشار الديباني، إلى أن هناك جهات تسعى للهيمنة على مقدرات العاصمة ومواردها، في إطار صراعات سياسية وعسكرية تُعيد تشكيل المشهد الأمني والسياسي في غرب ليبيا.
وأوضح أن أجهزة مثل “الردع” و”دعم الاستقرار” كانت شريكة فعلية في إدارة وزارات حيوية مثل الصحة والاتصالات، تتقاسم الأرباح وتسيطر على مؤسسات الإصلاح والسجون والشرطة القضائية، ضمن هيمنة غير معلنة على مؤسسات الدولة.
وبيّن أن هذه الأجهزة لا تتبع وزارة الدفاع أو سلطة الدبيبة، بل ترتبط مباشرة بالمجلس الرئاسي، ما يعكس ازدواجية خطيرة في الولاءات والتبعيات، وغيابًا تامًا لمؤسسة عسكرية نظامية في المنطقة الغربية.
وانتقد مشاركة لواء “444” في عمليات عسكرية لم يُعلن عنها رسميًا، وسط صمت القيادات التقليدية مثل رئيس الأركان، الذي وصفه الديباني بأنه “خيال مآتة” لغيابه الكامل عن المشهد، مشككاً في وجود ما يسمى بـرئاسة الأركان أو مؤسسة عسكرية حقيقية في غرب البلاد، معتبرًا أن كل ما يُروج له في هذا السياق هو مجرد أوهام.
وأكد أن القيادة الفعلية لملفات الأمن والمشهد العسكري تقع بيد شخصيات مرتبطة بالمجلس الرئاسي، بينما وزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، بدلًا من أن يكون عنصر توحيد، يضرب أساس العملية الأمنية والتنسيق العسكري، ويُستخدم كطرف سياسي من قبل الرئاسي، الذي يسعى للظهور بمظهر الحياد، بينما يدير الأمور فعليًا من خلف الستار.
واستحضر الديباني سيناريو عام 2014 وما تلاه من معارك دمرت مطار طرابلس الدولي، مؤكدًا أن ما يجري اليوم لا يقل خطورة، بل يتجاوزه بسبب أدوات جديدة تشمل الدعم المالي المباشر، والتجييش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستغلال الفوضى القانونية والمؤسسية.
وأشار إلى أن بعض التصريحات التي اعتبرت تدمير المطار آنذاك “فتحًا مبينًا” تعود اليوم بأفكار مبيتة، تهدف إلى تقويض المرافق العامة تحت غطاء سياسي وأمني زائف.
ولفت إلى أن مدينة الزاوية دخلت بثقلها السياسي والاجتماعي في معادلة الصراع، معلنة دعمها لحراك سوق الجمعة بقيادة شخصيات بارزة مثل عبد الرؤوف كّاره من جهاز الردع، مما يوسع دائرة النزاع ويهدد بانفجار إقليمي في الغرب الليبي.
كما بين إلى أن الردع، الذي يملك نفوذًا كبيرًا على المرافق السيادية مثل مطار معيتيقة وبعض المنشآت الحيوية، أصبح مستهدفًا بشكل مباشر لمحاولات الإقصاء والإضعاف.
وانتقد الديباني المفاوضات التي دعت لتسليم (44) مطلوبًا للحكومة، معتبرًا أن ذلك يمثل رغبة في التصعيد وزيادة الاحتقان، خاصة مع استمرار إطلاق سراحهم في مناطق حساسة مثل عين زارة، ما يعكس تهديدًا مباشرًا لاستقرار مؤسسات الدولة.
وفيما يتعلق بوقف إطلاق النار، شدد الديباني على أن الاتفاق لم يعد سوى حبر على ورق، في ظل غياب أي دور فعّال للبعثة الأممية، أو لجنة (5+5) العسكرية، مؤكدًا أن طرابلس أصبحت مسرحًا للتوتر والانفجار الوشيك. وكشف عن نزوح عائلات من بعض الأحياء، وإخفاء الممتلكات وتحويل الأموال والذهب إلى مناطق أكثر أمانًا، مما يدل على فقدان الثقة الكامل في قدرة الدولة على حفظ الأمن.
وأشار أيضًا إلى أن هناك عناصر غير ليبية ضمن التشكيلات المسلحة، بالإضافة إلى تحركات مشبوهة لقوافل قادمة من دول الجوار، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول الجهات التي تموّل وتخطط وتدير هذه العمليات.
وفي ذات السياق، دعا القيادة العامة للقوات المسلحة إلى رفع مستوى الجاهزية، محذرًا من أن أي اعتداء على جهاز الردع أو مرافق سيادية سيُعد خرقًا واضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ويستوجب ردًا مباشرًا وإعادة النظر في المنظومة الأمنية برمتها.
وتابع الديباني، حديثه متسائلًا عن دور لجنة “5+5 العسكرية”، التي اختفت في لحظة حرجة كان يفترض أن تبقى خلالها في حالة انعقاد دائم لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، مؤكداً أن من يسعى لحكم طرابلس يجب أن يكون طرفًا قويًا في أي حوار سياسي، مبيناً أن المؤسسات العسكرية الحقيقية، التي تمثلها القيادة العامة للجيش الليبي، هي الطرف القادر على فرض الاستقرار وتنظيم المشهد الأمني.
وفي ختام حديثه، كشف الديباني أن المجلس الرئاسي هو من جلب عبد الحميد الدبيبة إلى الواجهة عبر وساطة إبراهيم الدبيبة، مؤكدًا أن هذه الخيوط المعقدة تُظهر حجم التداخل في المشهد السياسي والأمني بالعاصمة، وأن الوضع الحالي يتطلب حلولًا جذرية وشفافية حقيقية من أجل استقرار ليبيا.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24