ليبيا الان

أبو فايد: الحل يبدأ بدستور عادل وانتخابات نزيهة تؤسس لدولة حديثة

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

رأى الباحث في الشأن السياسي وعضو مجلس الدولة الاستشاري، إدريس أبو فايد، أن البعثة الأممية لم تحقق نجاحًا حقيقيًا في إدارة الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن ما يشهده الملف السياسي حالياً هو مجرد اجترار للماضي دون أي تقدم فعلي.

وأكد أبو فايد في مداخلة على قناة “التناصح”، رصدتها الساعة24، أن التصريحات الأخيرة، للمبعوث الأمريكي، مسعد بولس خلال لقاء روما بشأن توحيد المؤسسات على المدى الطويل، تناقض جوهر المبادرة الأممية التي كانت تهدف إلى تحقيق نتائج خلال فترة قصيرة تتراوح بين 12 – 18 شهراً كحد أقصى.

وبيّن أن التوصل إلى توحيد المؤسسات يحتاج إلى عمل طويل الأمد بين الأطراف الفاعلة على الأرض، وهو ما لم يظهر جليًا خلال اللقاءات السابقة، معتبرا أن “ما حدث في روما لم يكن سوى استمرار للمماطلة”.

وعن إمكانية تحقيق تقدم خلال الأشهر المقبلة، قال أبو فايد: “لا أتوقع أي خطوات عملية خلال شهرين أو ثلاثة، ربما يكون هناك حل في مفوضية الانتخابات والمجلسين، لكن بقية القضايا ستظل معقدة وصعبة التنفيذ”.

وأشار إلى ضرورة معالجة عدة ملفات قبل الحديث عن تشكيل حكومة واحدة أو حكومة موحدة، ومنها تعديل مفوضية الانتخابات، وتغيير مجلس إدارتها، بالإضافة إلى الاتفاق على القوانين الانتخابية والأساس الدستوري، معتبراً أن “العملية معقدة للغاية ولا يمكن اختصارها في خطوات سريعة”.

وحول سبب تحديد المدة الزمنية من 12 إلى 18 شهرًا لإنجاز المبادرة الأممية، أوضح أبو فايد أن هذه المدة كانت جزءًا من مبادرات سابقة في 2020 و2021، لكنها لم تثمر عن نتائج ملموسة، مضيفًا بالقول: “وصلنا اليوم إلى خمس سنوات من المحاولات دون تحقيق تقدم حقيقي، وهو ما يؤكد أننا نعيد نفس الأخطاء ونأمل في نتائج مختلفة، وهو أمر غير جاد”. مشيرا أن البعثة ليست وحدها من يمتلك أوراق التحكم في الأزمة، بل الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن هي الفاعل الأساسي الذي يمتلك حق النقض، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويطيل أمد الأزمة.

وانتقد أبو فايـد، المبادرة الأممية، معتبراً أنها ليست شاملة ولا تعبر عن إرادة الشعب الليبي. موضحاً أن البعثة الأممية تدّعي أنها تلتقي بأكبر عدد من القطاعات الليبية وتستمع إلى ملاحظات الشعب، إلا أن هذه الادعاءات تعد استخفافاً بالشعب الليبي وفقاً له.

ووصف أبو فايـد البعثة الأممية بأنها ضعيفة الإرادة بسبب تدخلات دول إقليمية ودولية تؤثر على مسار العملية السياسية، وبيّن أن المبادرة الحالية لا تشمل كافة الأطراف الفاعلة على الأرض، الأمر الذي يحد من فرص تحقيق الأمن والاستقرار والإعمار في ليبيا.

وأكد أبو فايد أن الحل الأمثل يكمن في تأسيس دولة ليبية حديثة تعتمد على دستور متين وقوانين انتخابية نزيهة، معتبرًا أن هذا هو الطريق الحقيقي لإحلال الأمن والاستقرار وحفظ أموال الشعب ودماء الشهداء. منوها إلى وجود فرصة حقيقية حالياً لبلورة دستور متين، مشددًا على أن أي حلول مؤقتة أو هشة ستنقل البلاد من حالة فوضى إلى أخرى.

وأضاف أبو فايـد أنه في حال كانت البعثة الأممية جادة فعلاً، فعليها احترام الحوارات الدستورية التي أُجريت في القاهرة والغردقة، والعمل على بناء المبادرة على أسس سليمة ومتينة، بعيداً عن الحلول المؤقتة والقرارات التي لا تعبر عن تطلعات الليبيين الحقيقية.

وشدد أبو فايد، على ضرورة وجود أساس دستوري متين لضمان نجاح أي عملية انتخابية في المرحلة المقبلة. مبيناً بأنه ليس عضواً في اللجنة المعنية، إلاّ أنه تلقى إحاطة مؤخراً عن عملها، مشيداً بالتقارير التي تعبر عن رؤية عقلانية لكنها تنتقد بشدة إهمال البعثة لمسألة تأسيس دستور قوي”.

ولفت أبو فايد إلى أهمية أن تبنى الانتخابات المقبلة على دستور متين وقوي، لأن الانتقال إلى حكم جديد بدون إطار دستوري ومحكمة دستورية مستقلة وقضاء نزيه سيكون خطراً على مستقبل البلاد. معتبراً أن المرحلة الانتقالية، إذا استمرت لأربع أو خمس سنوات دون دستور واضح، قد تؤدي إلى حكم عائلة أو ديكتاتور جديد، مشيراً إلى أن ذلك سيكون أسوأ من جميع الفترات الانتقالية السابقة.

وأضاف أبو فايد: “لا أثق في أي قيادة تحكم بدون دستور وقضاء مستقل، مؤكداً أن المخاوف ليست موجهة ضد شخص أو جهة بعينها، بل هي خوف مشروع على مستقبل الأجيال القادمة.

ولفت إلى أن الضمانات الحقيقية لن تتحقق إلا من خلال دستور حقيقي وقضاء مستقل يشمل القضاء الدستوري والعام والجنائي، بالإضافة إلى وجود وعي شعبي قوي يدعم هذه المؤسسات.

واستشهد أبو فايد بالتجربة التركية، حيث أنقذ الوعي الشعبي الدستور والديمقراطية خلال محاولات الانقلاب، داعيا لضرورة تأسيس محكمة دستورية قوية ورفع مستوى الوعي الشعبي لضمان حماية الديمقراطية واستقرار البلاد.

وأشار أبو فايد في حديثه إلى أن جميع بنود ومواد الدستور والقوانين يجب أن تُصاغ وفقًا للنصوص الدستورية المعتمدة، مشددًا على أهمية إحالة مشاريع القوانين إلى الدائرة الدستورية لمراجعتها وممارسة الرقابة الدستورية قبل التصويت عليها. وأوضح أن هذه الخطوة تضمن عدم تعارض القوانين مع نصوص الدستور المعتمد، وبمجرد موافقة المحكمة الدستورية تصبح القوانين نافذة.

وفيما يخص مبادرة الدستور التي أطلقها، أكد أبو فايد أن المبادرة لا تزال قائمة، لكنها تواجه تحديات في التمويل والدعم الإعلامي، مما أثر على انتشارها وزخمها الشعبي. موضحا أن الحملة كانت تهدف إلى تحريك الرأي العام عبر تنظيم جولات في المدن الكبرى، إلا أن الإمكانيات المالية حالت دون تحقيق هذا الهدف بشكل كامل.

وتطرق أبو فايد في حديثه إلى أهمية الاستفتاء على الدستور، واصفًا إياه بالنقطة الفاصلة التي يمكن من خلالها إرساء الاستقرار السياسي، مؤكدًا أن التصويت الذي جرى في الهيئة التأسيسية بنسبة 75.6% يؤكد قبول الأغلبية بمشروع الدستور.

كما ذكر أن مشروع الدستور يعكس إرادة الأمة، حيث شارك في صياغته نخبة من القانونيين والأساتذة الجامعيين والمنتخبين الذين يمثلون جيلًا جديدًا من القادة. وأضاف أن المشروع الدستوري متكامل الأركان، ويشكل أساسًا صلبًا يمكن البناء عليه لإدارة المرحلة الانتقالية التي يقترح أن تكون لمدة أربع إلى خمس سنوات، مع إمكانية تعديل الدستور بعد هذه الفترة والاستفتاء عليه.

وفي خاتمة حديثه أشار أبو فايد إلى وجود 3 خيارات أمام البلاد: إما اعتماد الدستور عبر الاستفتاء، أو الموافقة عليه من قبل الدائرة الدستورية، أو اعتماد مشروع الدستور لفترة انتقالية واحدة مع تعديل لاحق واستفتاء في نهايتها. مؤكدا أن بناء الدولة على أساس دستوري متين هو السبيل الوحيد للاستقرار والازدهار، داعيًا الجميع إلى الجدية والعمل على تحقيق هذا الهدف.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24