تحتفي مصر اليوم بذكرى انتصار العاشر من رمضان 1393هـ الموافق السادس من أكتوبر 1973، يوم تمكن الجيش المصري من عبور خط برليف المنيع.
وفي هذا السياق يسلط موقع «الحرية» الضوء على قصة محمد طه يعقوب، أحد الأبطال الذين شاركوا في حرب أكتوبر المجيدة، وكان عمره آنذاك 22 عاما، وصاحب علامة النصر الخالدة.
ولد يعقوب بمدينة بورسعيد وتخرج من كلية المعلمين، كما حصل على تأجيل تجنيد وعين معلم بإحدى المدارس ولكنه أراد أن يلتحق بصفوف المقاتلين بالجيش، وحاول لأكثر من 3 مرات وباءت محاولاته بالفشل، ولكنه في المرة الرابعة اتجه إلى إدارة التجنيد فإذا بهم يتعجبون من إصراره ويسألونه ما الذي قد يدفع شاب مثلك حصل على تأجيل تجنيد وحصل على وظيفة ويمكنه أن يعيش حياة مستقرة إلى رفض كل هذه الفرص!
فرد عليهم يعقوب: «ماذا أقول لتلاميذي، أحكي لهم عن الهزيمة فقط!!، بالطبع لا فأنا أريد أن أحكي لهم عن الانتصارات أيضا».
تحققت رغبته وارتدى ملابسه العسكرية، والتحق بكلية الضباط الاحتياط، ومن ثم الجيش الثالث الميداني الفرقة 19، اللواء الثان، كتيبة 22 مشاة ميكانيكا.
يروي يعقوب لـ«الحرية»، أنهم علموا قبل العبور بنصف ساعة بعد انتقالهم إلى منطقة الجناين بالسويس وتمركزوا تحت الأشجار بالقرب من شاطئ القنال.
وكان في اعتقادهم أنهم مكلفون بمشروع ما، ولكنهم تفاجؤا أنها لحظة العبور التي طالما انتظروها لسنوات لكي يتمكنوا من الثأر للشهداء ومحو عار الهزيمة.
وأكد يعقوب على إيمانهم الشديد حينها، بأن النصر سوف يكون حليفهم، وأنهم لم يشعروا بالجوع أو العطش أمام الانتصارات المتتالية، وذكر أنه ظل صائما حتى مغرب اليوم الثاني ليفطر على تمرة وبعض المياه، وعقد النية على صيام اليوم الذي يليه أملا فى النصر أو الاستشهاد صائما مرابطا.
في ذروة لحظة العبور وأثناء قيامه برفع العلم المصرى على أرض سيناء برفقة زملائه الجنود، رفع محمد يعقوب ذراعيه عاليا مشيرا بعلامته الشهيرة علامة النصر كـ إعلانا منه بتحرير الأرض ومحو عار الهزيمة.
رفقاء فى القلب
ذكر يعقوب أن أكثر اللحظات المؤلمة التي عاشها ولا يمكنه نسيانها، لحظة استشهاد صديقه النقيب جمال، قائد السرية فى أول أيام العبور أثناء صعودهم الساتر الترابي، حيث أصيب النقيب جمال برصاص العدو الإسرائيلي وبدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة وحاول أن يتحدث إلى «يعقوب»، ولكن إصابته كانت بالغة، فحاول أن يخاطبه بلغة الإشارة ليخبره عن جوابان في جيبه واحد لوالدته والآخر لخطيبته، وطلب منه أن يساعده في خلع دبلته، وارتقت روحه إلى الله، وظل يعقوب محتفظا بأغراض النقيب جمال قرابة 4 أشهر ونصف إثر الحصار الذي حدث مع «الفرقة 19»، فذهب بعدها لوالدة النقيب جمال وأعطاها الجواب الذي تركه ابنها، واتجه إلى بيت خطيبة النقيب جمال حاملا إليها الجواب الخاص بها وخاتم خطبتها ونظارته، ليفتح والدها الباب ويسلمهم الأمانة التي حملها وهرول مسرعا لصعوبة الموقف، وبالرغم من مناداتهم له إلا أنه لم يكن يقدر على الحديث ويروي لهم ما حدث.
وأضاف «يعقوب»، بأنهم بعد دخول سيناء شرعوا في عمل حفر براميلية للاحتماء بها من أي هجمات للعدو الإسرائيلي، فأمر «يعقوب» الجندي الذى معه بالنزول إلى الحفرة فإذا بالجندي يرفض الامتثال إلى الأمر العسكري، ويدفعه في الحفرة ويقوم بتغطيتها بجسده، وتلقى الهجمات بدلا عنه فسالت دمائه عليه حتى ظن أنه أصيب هو الآخر، وبعد انتهاء الغارة دفع يعقوب الجندي خارج الحفرة البرميلية ليجده يلفظ أنفاسه الأخيرة.
كُرم البطل «محمد طه يعقوب» من الرئيس الراحل أنور السادات، وأنشئ تمثال له فى مدينة الإسماعيلية أمام ميدان مديرية الأمن.
كما تم منح شهادة من قادة الجيش الثالث الميداني مكتوب بها: لقد أبلى بلاءً حسنا فى العمليات الحربية، ومن ضمن قوات بدر الصامدة وأوائل من عبروا القناة للضفة الشرقة، ومنحه قلادة الشرف الوطني.
ووجه «يعقوب» من خلال بوابة «الحرية» رسالة إلى أبناء مصر والأجيال القادمة، قائلا: إياكم والشائعات والأكاذيب المغرضة، أنتم قادة المستقبل تسلمتم منا سيناء محررة فحافظوا عليها، فإنها أمانة في أعناقكم حتى يذكركم التاريخ بكل خير.