في ليلة كروية حملت الكثير من الأحلام والإحباطات، اختتم منتخب ليبيا لكرة القدم داخل الصالات مبارياته في المجموعة الرابعة من بطولة كأس العالم لكرة الصالات 2024، المُقامة في أوزبكستان. هذا الحدث الكروي العالمي الذي يجمع نخبة الفرق في العالم شهد مساء السبت نتيجة غير متوقعة لفرسان المتوسط، حيث تكبدوا هزيمة كبيرة أمام منتخب إسبانيا القوي بنتيجة 0-8. كانت هذه الخسارة هي الفصل الأخير في مسيرة المنتخب الليبي في دور المجموعات، بعد أداء مخيب في الجولات السابقة.
بدأت مسيرة المنتخب الليبي بفوز مشجع على نيوزيلندا بنتيجة 3-1، مما رفع سقف التوقعات وأحيا الآمال في التأهل إلى دور الـ16. هذه البداية القوية كانت مؤشراً على إمكانية استكمال الأداء الجيد، لكن سرعان ما تحول التفاؤل إلى واقع صعب بعد الهزيمة في الجولة الثانية أمام كازاخستان بنتيجة 1-4. كانت تلك الخسارة بمثابة جرس إنذار للمنتخب الليبي بأن المنافسة في هذا المستوى تتطلب مزيداً من الجهد والتركيز، وخاصة أمام منتخبات كبيرة مثل إسبانيا.
في اللقاء الأخير، دخل المنتخب الليبي مواجهة صعبة أمام منتخب إسبانيا، الفريق الذي يمتلك سجلاً طويلاً من الإنجازات في هذه البطولة. لم يكن الأداء الليبي على قدر التحدي، حيث تمكن المنتخب الإسباني من فرض سيطرته الكاملة على مجريات المباراة، مسجلاً ثمانية أهداف دون رد. سجل ميغيل ميلادو ثلاثة أهداف (هاتريك)، بينما سجل كل من أدولو فيرنانديز وفرانشيسكو كورتس هدفين، ليكتفي كل من كاتيلا وخيسوس غورديلو بهدف واحد لكل منهما.
لم تكن الخسارة مجرد نتيجة سلبية في حسابات النقاط، بل كانت ضربة معنوية قوية للفريق الليبي. فبعد التفاؤل الكبير الذي ساد بعد الفوز على نيوزيلندا، واجه اللاعبون واقعاً مريراً في مباراة كازاخستان، وتبعتها الهزيمة الثقيلة أمام إسبانيا. هذا النوع من الخسائر ليس مجرد خيبة أمل رياضية، بل يحمل في طياته آثاراً نفسية على اللاعبين والجهاز الفني. التحدي الأكبر الآن يكمن في كيفية تجاوز هذه الهزيمة والعودة بشكل أقوى في البطولات المقبلة.
على الرغم من الهزيمة الثقيلة، لم تُغلق بعد كافة الأبواب أمام المنتخب الليبي. فبفضل النظام المعتمد في البطولة، قد يتمكن الفريق من التأهل إلى دور الـ16 ضمن أفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثالث في مجموعاتها. المنتخب الليبي، الذي أنهى المجموعة برصيد ثلاث نقاط، ينتظر نتائج المباريات في المجموعات الأخرى لمعرفة مصيره. وإذا جاءت النتائج في صالحه، فقد يتمكن من مواصلة مسيرته في البطولة.
بالنسبة لإسبانيا، فقد واصلت تأكيد تفوقها في هذه البطولة بصدارتها للمجموعة الرابعة، وضمنت التأهل إلى دور الـ16، حيث ستواجه منتخباً من المنتخبات التي احتلت المركز الثالث في مجموعتها، وهو ما سيحدث يوم الأربعاء المقبل. بينما تأهلت كازاخستان أيضاً بعد الفوز الإسباني على ليبيا، وستواجه متصدر المجموعة الخامسة، الذي قد يكون البرتغال أو المغرب، يوم الخميس المقبل.
المنتخب الليبي يجد نفسه الآن في مفترق طرق بين طموح التأهل وتحديات الواقع الصعب. فقد كشف الأداء في البطولة عن نقاط قوة وضعف الفريق، وأبرزت الهزيمة أمام إسبانيا الحاجة إلى تطوير شامل على المستويين الفني والنفسي. فالفريق الذي استطاع الفوز على نيوزيلندا لم يكن مستعداً بشكل كافٍ لمواجهة المنتخبات الكبرى مثل كازاخستان وإسبانيا. إذا تمكن الفريق من التأهل إلى دور الـ16، فسيكون أمام فرصة جديدة لتصحيح المسار، ولكن إذا لم يتمكن من ذلك، فستكون هناك ضرورة لمراجعة الحسابات والتحضير بشكل أفضل للمستقبل.
لا شك أن الجماهير الليبية كانت تأمل في تحقيق نتائج أفضل في هذه البطولة، خاصة بعد الأداء المشجع في المباراة الأولى. إلا أن الخسائر المتتالية كشفت عن بعض الثغرات التي يجب معالجتها. المنتخب الليبي يمتلك خامات شابة موهوبة قادرة على تقديم أداء أفضل في المستقبل، لكن هذا يتطلب العمل الجاد والتخطيط المدروس.
من أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه المشاركة هو أهمية الإعداد البدني والنفسي لمثل هذه البطولات العالمية. الفرق الكبرى مثل إسبانيا لا تعتمد فقط على المهارات الفردية، بل تمتلك نظاماً تكتيكياً متكاملاً يستند إلى الخبرة الطويلة في هذه البطولات. يجب على المنتخب الليبي أن يستفيد من هذه التجربة وأن يركز على بناء فريق قادر على المنافسة على مستوى عالمي.
رغم الهزيمة القاسية، تبقى الآمال معقودة على تحقيق نتائج أفضل في المستقبل. فالمنتخب الليبي لا يزال في مرحلة البناء، وقد تكون هذه البطولة بمثابة درس مهم في مسيرة تطويره. الآن، يتعين على الفريق والجهاز الفني استغلال هذه الفرصة للتعلم من الأخطاء والعمل على تحسين الأداء استعداداً للمنافسات القادمة.