وسط أجواء رياضية مشحونة بالذكريات الجميلة وروح الأخوّة بين نادي الزمالك المصري ونادي النصر، يأتي خبر مشاركة الزمالك في مباراة تكريم واعتزال نجم المنتخب الوطني خالد حسين، الشهير بلقب “كمونة”. ينتظر عشاق الكرة في ليبيا ومصر هذا الحدث المرتقب بحماس شديد، لتشهد ليبيا عودة “كمونة” إلى الساحة التي طالما زيّنها بمهاراته اللافتة. ويعد هذا التكريم بمثابة احتفاء برحلة لاعب لطالما خطف الأضواء وسجل اسمه بمداد من ذهب في تاريخ الكرة الليبية.
خالد حسين، الذي برز اسمه في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية، كان لاعبًا استثنائيًا في وسط الملعب. بفضل مهاراته الاستثنائية ورؤيته الثاقبة للعب، أصبح خالد رمزًا للكفاءة والعطاء على مدار مسيرته الممتدة مع نادي النصر، حيث توج بلقب كأس ليبيا ثلاث مرات، إلى جانب تمثيله للمنتخب الوطني في عدة بطولات دولية، ليتجاوز عدد مبارياته الدولية 60 مباراة.
بدأت مسيرته الاحترافية في نادي النصر الليبي، حيث أظهر تفوقه بسرعة ملفتة، واستطاع أن يفرض اسمه بين لاعبي كرة القدم البارزين في ليبيا. ولطالما كان الجمهور يترقب مبارياته بحماس، حيث امتاز بقدرته الفائقة على تمرير الكرات بدقة، واختراق الدفاعات بطريقة تثير إعجاب المشجعين.
وافق مجلس إدارة الزمالك برئاسة حسين لبيب على مشاركة الفريق في المباراة التي ستُقام يوم 15 نوفمبر الجاري في ليبيا، تقديرًا لمسيرة خالد حسين، الذي حقق نجاحات بارزة مع نادي النصر وأصبح علامة فارقة في تاريخ الكرة الليبية. وبحسب المسؤولين في نادي الزمالك، فإن الموافقة تأتي ضمن أهداف الزمالك لتعزيز الروابط الرياضية مع الأندية الشقيقة في الدول العربية، وتكريم رموز الرياضة الذين قدموا عطاءً مميزًا.
يُشرف أحمد سليمان، عضو مجلس الإدارة والمشرف على الكرة، على تنظيم التفاصيل اللوجستية، وتنسيق الترتيبات مع الجانب الليبي، بما في ذلك توفير طائرة خاصة للفريق لنقله إلى ليبيا وتوفير أقصى سبل الراحة للاعبين. من المتوقع أن يُغادر الزمالك إلى ليبيا يوم الأربعاء، ليكون الفريق جاهزًا لخوض المباراة يوم الجمعة.
في سجل خالد حسين الكروي، هناك لحظات تعكس موهبته الفريدة؛ فقد كان يتمتع بقدرة مذهلة على مراوغة المنافسين، وتغيير إيقاع اللعب بسلاسة تنمّ عن نضج كروي مميز. وُلد خالد حسين في عام 1977، وبدأ رحلته الرياضية في فرق الفئات السنية بنادي النصر، تحت إشراف المدرب محمد الشارف، الذي لاحظ إمكانياته الفريدة وشجعه على التطور. تدرّج خالد في فئات البراعم، ثم الأشبال، وصولاً إلى الفريق الأول، حيث كانت أولى مبارياته الرسمية موسم 1996/1997، ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف عن التألق.
إلى جانب تمثيله لنادي النصر، انضم خالد إلى المنتخب الوطني، حيث شارك في بطولات عربية وأفريقية، محققًا إنجازات عديدة؛ إذ ساهم في فوز المنتخب الليبي بالقلادة البرونزية في الدورة العربية الثامنة بعمان عام 1999، والقلادة الفضية في الدورة العربية العاشرة بمصر عام 2007. هذه الإنجازات كانت تتويجًا لمسيرته، وشاهدة على التفاني الذي قدّمه لخدمة رياضة بلده.
على وسائل التواصل الاجتماعي، أبدى المشجعون الليبيون والمصريون حماسهم لمباراة اعتزال “كمونة”، مشيرين إلى أن هذا التكريم مستحق لواحد من أخلص اللاعبين، والذي قدم نموذجًا للتفاني الرياضي. وتعكس هذه الردود أيضًا تقدير الجماهير لمسيرة خالد حسين الذي ظل متألقًا لسنوات عديدة دون أن تتضاءل شعبيته أو محبته بين الجماهير.
في نظر الكثيرين، خالد حسين ليس مجرد لاعب اعتزل بعد مسيرة حافلة، بل هو رمز للتضحية والتفاني الذي يلهم الأجيال الجديدة من لاعبي كرة القدم. عبر السنوات، شهدت الساحة الرياضية الليبية تراجعًا في عدد المواهب البارزة، الأمر الذي يجعل من نموذج خالد حسين درسًا حيويًا للشباب الذين يحلمون بتحقيق الإنجازات في ملاعب كرة القدم.
على الرغم من أن خالد حسين قد اعتزل اللعب منذ عام 2014، إلا أن تأثيره ما زال واضحًا، حيث يستمد العديد من اللاعبين الليبيين الشباب الإلهام من مسيرته وتضحياته، ويمثلونه كنموذج يحتذى به في مسيرتهم الرياضية.
خالد حسين، رغم سنوات الاعتزال، لا يزال يحتل مكانةً كبيرة في قلوب جماهيره. فعلى مدار مسيرته، أثبت أنه ليس مجرد لاعب موهوب، بل مثال يحتذى به في الكفاح والعطاء. فبالإضافة إلى تميزه في الملعب، كان خالد يعرف بالتزامه وأخلاقه الرياضية العالية، مما زاد من محبة واحترام المشجعين له.
وفي النهاية، تعد مباراة الاعتزال المرتقبة حدثًا بارزًا ليس فقط لتكريم خالد حسين، بل لتعزيز العلاقات الرياضية بين مصر وليبيا، وفتح آفاق جديدة من التعاون بين الأندية في البلدين.