في أمسية كروية لا تُنسى، احتشدت جماهير الكرة المصرية لمتابعة القمة المنتظرة بين الأهلي والزمالك ضمن منافسات الأسبوع الخامس عشر من الدوري المصري الممتاز. مواجهة كلاسيكية تحمل بين طياتها أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل شغف وتاريخ طويل من التنافس، وانتهت هذه الليلة المثيرة بتعادل إيجابي 1-1، تاركة الجماهير بين فرح وحسرة.
بدأ اللقاء بحذر واضح من كلا الفريقين، حيث اعتمد الأهلي على الضغط المبكر عبر أجنحته السريعة بقيادة حسين الشحات وجراديشار، اللذين حاولا استغلال المساحات خلف دفاع الزمالك. وفي الدقيقة 12، مرر جراديشار كرة عرضية خطيرة إلى الشحات، لكن محمد عواد، حارس الزمالك، تدخل ببراعة وأبعد الخطر.
الزمالك لم يبقَ مكتوف الأيدي ورد سريعاً بهجمة خطيرة قادها عمر جابر في الدقيقة 20، لكن دفاع الأهلي تصدى لها بنجاح. ومع مرور الوقت، بدأت المباراة تأخذ طابعاً أكثر حدة، مع التحامات بدنية قوية ومحاولات هجومية من الطرفين.
شهد الشوط الأول العديد من التدخلات العنيفة التي أجبرت الحكم النرويجي إسبين إسكوس على إشهار البطاقات الصفراء. نبيل عماد دونجا تلقى بطاقة في الدقيقة 35 بعد تدخله القوي على أحمد رضا، وهو ما زاد من توتر الأجواء داخل الملعب. رغم الفرص المتبادلة، انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي.
مع انطلاق الشوط الثاني، بدا واضحاً أن الفريقين سيبحثان عن هدف السبق بأي ثمن. دخل أشرف بن شرقي إلى أرض الملعب في الدقيقة 62، مرتدياً القميص الأحمر للمرة الأولى في مباراة رسمية. ولم يتأخر في ترك بصمته، إذ سجل هدف التقدم للأهلي برأسية قوية في الدقيقة 72 بعد عرضية متقنة من جراديشار.
فرحة جماهير الأهلي لم تدم طويلاً، فالزمالك استعاد زمام المبادرة وبدأ بالضغط على مرمى محمد الشناوي. في الدقيقة 84، قاد عمر جابر هجمة مرتدة سريعة، مرر كرة حريرية إلى محمود بنتايج الذي لم يتردد في إيداعها الشباك مسجلاً هدف التعادل.
أثارت المباراة جدلاً واسعاً حول قرار الحكم النرويجي بعدم احتساب ركلة جزاء لصالح الزمالك في الدقيقة 48، حين سقط بنتايج داخل منطقة الجزاء بعد تدخل واضح من أشرف داري. القرار أثار غضب جماهير الزمالك، معتبرين أن الحكم حرم فريقهم من فرصة ذهبية.
رغم نتيجة التعادل، برزت أسماء عدة خلال المباراة. أشرف بن شرقي خطف الأضواء بتسجيله هدفه الأول مع الأهلي، بينما تألق محمود بنتايج، ليس فقط بهدف التعادل بل بأدائه الرائع الذي منحه جائزة رجل المباراة.
الحارس محمد عواد تألق في الشوط الأول وأنقذ مرماه من فرص محققة، بينما لعب الشناوي دوراً مهماً في الحفاظ على تعادل الأهلي في الدقائق الأخيرة.
تكتيكياً، ظهر الأهلي بميل أكبر للضغط الهجومي واستغلال الأطراف، بينما اعتمد الزمالك على الهجمات المرتدة السريعة مستفيداً من سرعة جابر وبنتايج. التبديلات التي أجراها كلا المدربين، مارسيل كولر (الأهلي) وجوزيه بيسيرو (الزمالك)، أثرت بشكل مباشر على مجريات اللقاء.
هذا التعادل أبقى المنافسة مشتعلة في قمة الدوري، حيث واصل الفريقان صراعهما على اللقب. الأهلي ربما شعر بالإحباط لضياع الفوز في الدقائق الأخيرة، بينما رأى الزمالك في التعادل مكسباً بعد التأخر في النتيجة.
في النهاية، أكدت هذه القمة مرة أخرى أن مواجهات الأهلي والزمالك تظل خارج حسابات التوقعات، حيث تلعب الروح والضغط الجماهيري دوراً محورياً. وكما هو الحال دائماً، تبقى هذه اللقاءات شاهدة على الشغف الكبير الذي تحمله كرة القدم المصرية.
هكذا انتهت قمة القاهرة، لكنها بلا شك ستبقى محفورة في ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة.