مصر تشارك رسميًا في قمة تجمع دول البريكس BRICS، للمرة الأولى كدولة كاملة العضوية بمدينة قازان في روسيا الاتحادية، وتمثل تلك القمة الأولى لمصر كدولة عضو بتجمع البريكس، عقب انضمامها في 1 يناير 2024.
والآن دعونا نتعرف على تجمع ” البريكس BRICS ” ودوره في إعادة تخطيط الحدود الجيوسياسية وتحقيق التوازن الإقتصادي العالمي ومساعدة الدول النامية والناشئة على تحقيق نهضة شاملة تؤهلها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ما هو تجمع مجموعة دول البريكس BRICS؟
هو تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في عام 2006، وبعد سلسلة من الاجتماعات حول تأسيس التكتل أُطلق وعقد اجتماعه الأول في عام 2008 باليابان على هامش قمة مجموعة الثماني G8؛ حيث كان مكونًا من 4 دول، وهي “روسيا، والبرازيل، وروسيا، والهند، والصين” .
وسُمِي- آنذاك- بالـ”بريك” (BRIC)، إلى أن انضمت إليه دولة جنوب إفريقيا في 24 ديسمبر 2010، فأصبح يسمى ” بريكس BRICS”، وهي الأحرف الأولى لأسماء كل دوله بالإنجليزية من الدول الخمس “روسيا، والبرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا”.
وما يميز هذا التكتل عن غيره من باقي التكتلات المالية العالمية، هو أنه غير تقليدي؛ فدولة لا تشترك في النطاق الجغرافي، بل تنتشر دولة في الـ 4 قارات (آسيا، وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وأوروبا)، وبالتالي لا تشترك في التراث الثقافي والتاريخي ولا الهيكل الإنتاجي، إنما تشترك في كونها دولًا نامية وناشئة، تسعى لتحسين الوضع الاقتصادي لتحقيق التوازن العالمي، وهو الهدف الرئيس الذي دفعها لتأسيس هذا التكتل.
بالرغم من حداثة عهد تكتل بريكس BRICS وصغر عدد أعضائه مقارنة بنظرائه من التكتلات الاقتصادية كالإتحاد الأوروبي وغيره، فإن تكتل بريكس أصبح اليوم أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم؛ نظرًا للثقل الاقتصادي لدوله في ظل ما تتمتع به من إمكانات “بشرية ، وصناعية، وزراعية”، بما جعل قراراته محط اهتمام وتأثير عالميين.
حصة تكتل مجموعة دول البريكس BRICS في الناتج الإجمالي العالمي
يشكل مجموع الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في البريكس نحو 25.9 تريليون دولار خلال عام 2022 أي بما نسبته 25.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ نحو 101 تريليون دولار في عام 2022، كما تعد دولة من الدول التي شهدت معدلات نمو اقتصادي سريعة؛ ما جعلها من أكبر الاقتصادات العالمية، كالصين التي تمثل ثاني أقوى اقتصاد عالميًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
مقدار مساهمة تكتل مجموعة دول البريكس BRICS في التجارة العالمية
عندما ننظر إلى الثقل التجاري العالمي لتكتل البريكس في عام 2022، نجد أن الصين تتصدر دول العالم بحصة تصديرية تبلغ نحو 15% من إجمالي الصادرات العالمية، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الاستيراد بحصة عالمية تجاوزت 11%، ولم يقتصر الثقل على الصين وحسب، فهناك روسيا – الثانية عالميًا في تصدير الوقود – تأتي في المرتبة الـ 15 عالميًا من حيث الصادرات، فيما تحتل الهند المرتبة 21 على مستوى التصدير عالميًا والـ 17 عالميًتا من حيث الاستيراد.
الثروة البشرية في تكتل مجموعة دول البريكس BRICS
مع اتساع المساحة الجغرافية لتكتل دول البريكس التي تشكل مجتمعة نحو 26 % من مساحة العالم، تمتلك أيضًا نحو 40.9% من إجمالي تعداد سكان العالم بإجمالي 3.25 مليار نسمة وأكثر من الإجمالي العالمي البالغ نحو 7.95 مليار نسمة خلال عام 2022، ومع انضمام مصر يصبح التكتل الاقتصادي لتكتل مجموعة دول “البريكس BRICS” يجعلها سوقًا عالميًا هائلاًط من حيث قوة العمل والإنتاج وكذلك التوزيع والإستهلاك.
تنوع الهيكل الإنتاجي في تكتل مجموعة دول البريكس BRICS
تميز الهيكل السلعي لصادرات دول البريكس عام 2022 بالتنوع؛ وذلك نتيجة تنوع هيكلها الإنتاجي بما يمنح تلك الدول فرصاً كبرى للتجارة البينية وتكامل سلاسل التوريد والإنتاج بينها، فعلى سبيل المثال: تمتلك روسيا قوة إنتاجية هائلة من النفط والغاز الطبيعي، وهي الثانية عالمياً في تصدير الوقود، وكذلك الأولى عالمياً في تصدير الأسمدة، والثالثة في تصدير النيكل ومصنوعاته، هذا بخلاف تميزها في عدد من الصناعات الثقيلة، فيما تتميز الصين بتنوع هيكلها الإنتاجي الصناعي غير النفطي وتتصدر العالم في تصدير العديد من المنتجات الصناعية الثقيلة والخفيفة، فيما تتميز جنوب إفريقيا بصناعة واستخراج المعادن والأحجار الكريمة ولا سيما اللؤلؤ؛ ولذلك كانت الخامسة عالمياً في تصدير خامات المعادن عام 2022 ، بينما تتميز البرازيل بمنتجاتها الزراعية كاللحوم والسكر والبن والشاي والحبوب، فيما كانت الملابس والمنسوجات الصادرات الأبرز لدى الهند التي تمتلك صناعة برمجيات متطورة.
أهداف تكتل مجموعة دول البريكس BRICS
يهدف التكتل إلى تعزيز مكانة أعضائه العالمية عبر تعزيز التعاون بينها في كل المجالات ، بما يضمن تحقيق نمو اقتصاديا يكفل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات ، بجانب السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع بلدان العالم لتحسين وضع الدول النامية والناشئة سواء من حيث تمثيلها في المؤسسات المالية الدولية ، وكذلك تحسين أداء النظم التجارية متعددة الأطراف والتجارة الدولية وبيئة الاستثمار بما يضمن وجود نظام عالمي متعدد الأقطاب.
أهم نتائج اجتماعات التكتل خلال السنوات الماضية والقمة الحالية في قازن بروسيا
1- توقيع مذكرة تعاون تقضي بتيسير التحويلات النقدية الدولية ، كخطوة نحو تشكيل منظومة مصرفية موحدة للتكتل .
2- توقيع إتفاقية لمد التسهيلات الائتمانية بالعملة المحلية وخفض تكلفة التحويلات ، والإتفاق على التعامل بالعملات النقدية لدول التكتل في محاولة للتحلل من عملة الدولار التي تسيطر على حركة التجارة العالمية ، والإحتفاظ باحتياطات هائلة من العملات لمساعدة دوله إذا اقتضت الحاجة ، بما يصب في صالح تعزيز التجارة البينية للدول الأعضاء .
3- الإعلان عن تشكيل مجلس أعمال لإدارة الإستثمارات ، ووكالة تصنيف ائتماني ، وبنك للتنمية خاص بالتكتل بشروط ميسرة ودون قيود على عكس المؤسسات المالية الدولية ( صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي ) ، وكذلك إنشاء صندوق إحتياطي خاص بالطوارئ له ، كخطوة نحو تجنب هيمنة المؤسسات المالية الدولية .
4- دعوة الدول الأخرى المعترف بها عالمياً إلى مواجهة جميع أشكال الحماية التجارية ، وعقب انضمام مصر للبريكس وموافقة بنك التنمية الجديد الخاص بالبريكس في ديسمبر 2021 على قبول مصر كرابع الأعضاء الجدد للبنك بعد الإمارات وبنجلاديش وأوروجواي ، فلا شك أن ذلك الانضمام يحمل العديد من الأبعاد السياسية والاقتصادية ، كما يؤكد هذا الانضمام على قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل ، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، بحيث يمثل التقارب من التكتل ، استفادة من تعزيز التعاون البناء بين دوله لدعم جهودها لتحقيق التنمية المستدامة ، مع الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة ، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية على إقليمها .
أهم الفوائد التي ستعود على مصر عقب انضمامها رسميًا لتكتل مجموعة دول البريكس BRICS
1- يهدف التكتل إلى تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي بين دوله ، مما سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه ، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الإقتصادية المحلية ، علاوة على أن وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنحها فرصاً للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية ، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق ، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيداً من الثقل للدول النامية والناشئة.
2- التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء في تجمع «البريكس»، مما يجعل كل الدول الأعضاء في “بريكس” تتعامل مع بعضها تجارياً بالعملة المحلية، وذلك سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي خصوصاً ( الدولار ) في مصر، كما سيساعدنا في تأمين السلع الاستراتيجية ، مثل (القمح، الأرز) دون وضع ضغوط إضافية على الموازنة العامة للدولة .
3- تنوع الهيكل الإنتاجي للدول الأعضاء في «بريكس» بما سيساعدنا على تلبية أغلب احتياجاتنا الاستيرادية من الدول الأعضاء وحل جزء كبير من مشكلة سلاسل التوريد.
4- تعزيز التجارة الإلكترونية بين الدول الأعضاء ، مما سيساهم في خلق فرص عمل جديدة ويساعد الشركات على تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة.
5- الإستفادة من الإتفاقيات التجارية ، تفعيل السوق المشتركة للجنوب “ميركوسور” لتصبح مصر مركز يربط بين (إفريقيا، آسيا، أمريكا الجنوبية).
6- جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية للدولة المصرية.
7- تبادل الخبرات بين الدول الأعضاء بتكتل البريكس.
8- وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل “البريكس” سيساعدنا في الحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية .