يشهد مستقبل سوق العقارات في مصر لعام 2024، ارتفاعًا غير مسبوق، والذي بانت ملامحه مع تزايد التحديات الاقتصادية، وانطلاق موجة التضخم، في نهاية عام 2023، وارتفعت أسعار العقارات في مصر بنسبة تجاوزت 100% في بعض المشروعات الجديدة، بينما بلغ معدل التضخم في مصر 38.1% في نهاية العام الماضي، حسب بيان صادر عن البنك المركزي.
أسباب ارتفاع العقارات في مصر
في تصريحات خاصة لـ«الحرية»، قال المستشار أسامة سعد الدين، الرئيس التنفيذي لغرفة صناعة التطوير عقاري باتحاد الصناعات، إن أسعار العقارات في مصر شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الآخِيرة، إذ تجاوزت نسبتها 100%، وذلك بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء بنسب غير مقبولة، إضافة إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه، مما دفع المطورين لرفع أسعار العقارات تحسبًا لتأثير التضخم.
وأشار «سعد الدين»، إلى أن أسعار العقارات تتأثر بعدة عوامل، منها مواد البناء ونسبة التضخم والفائدة المعلنة من قبل البنك المركزي، ويتم تحديد السعر بناءً على هذه العوامل، بالإضافة إلى هامش ربح يُضاف عليه، مما أدى إلى تجاوز نسبة التضخم لأسعار العقارات 100%.
وأوضح «سعد»، أن متوسط دورة العقار تستغرق ثلاث سنوات، ويأخذ المطورون هذه الفترة بعين الاعتبار عند تحديد الأسعار، مشيرًا إلى أن تقلبات أسعار مواد البناء والأراضي، تؤثر على التكلفة الإجمالية للمشروع، وبالتالي يصعب خفض أسعار العقارات بأي شكل من الأشكال.
وأكد أن المطورين لا يمكنهم خفض قيمة العقارات، ولكن يمكنهم منح المشترين بعض الامتيازات في التشطيب وغيرها.
مستقبل غامض
وبالنسبة لتوقعات أسعار العقارات في الفترة القادمة، أوضح الرئيس التنفيذي لغرفة صناعة التطوير عقاري، أنه لا يمكن تحديد ذلك إلا بعد دراسة السوق، وأن غرفة تطوير العقارات قامت بعقد اجتماع، لدراسة سوق العقارات خلال الشهرين القادمين، بعد تخفيض قيمة الجنيه لتقدير نسبة التضخم واستقرار العملة.
وأكد المستشار سعد الدين، أن انخفاض أسعار العقارات ليس من مصلحة المشترين أو المستثمرين، إذ يُعتبر القطاع العقاري مخزونًا للقيمة.
ساويرس: لا أنام الليل بسبب قطاع العقارات
ويعتبر الملياردير المصري، نجيب ساويرس، رجل الأعمال ورئيس شركة أوراسكوم القابضة للاستثمار، واحدًا من أكثر الأشخاص قلقًا بسبب التقلبات في أسعار الصرف وارتفاع التكاليف.
وأوضح ساويرس، خلال كلمته في المؤتمر الخامس لجريدة حابي تحت عنوان «استثمارات الطاقات الكامنة»، أن حجم استثماراته في قطاع العقارات بلغ 55 مليار جنيه، وأنه لا ينام الليل بسبب قطاع العقارات، وأنه لم يحقق أي أرباح من أي من مشروعاته العقارية الضخمة، بسبب ارتفاع الأسعار، مقارنة بالأسعار التي تم التعاقد عليها مع العملاء قبل 3 سنوات، واصفًا السوق بالـ«القنبلة الموقوتة».
تضخم غير مسبوق
ارتفعت معدلات التضخم في مصر _والتي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد_ إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي، نتيجة لارتفاع أسعار السلع ومواد البناء، بسبب شُح العملة الأجنبية وتراجع قيمة العملة المحلية.
وتسببت الضغوط التضخمية المرتفعة، والطلب النشط من المشترين الذين يرغبون في التحوط ضد التضخم وتراجع قيمة العملة، في زيادة كبيرة في أسعار بيع وإيجار الوحدات السكنية في القاهرة خلال عام 2023، لاسيما في الربع الآخِير، وفقًا لتقرير «لمحة عامة على أداء سوق العقارات في القاهرة خلال عام 2023» الصادر عن شركة «جيه إل إل» يوم الخميس.
شركة «جيه إل إل»، هي شركة عالمية للخدمات العقارية التجارية، تأسست في المملكة المتحدة، ولها مكاتب في 80 دولة، وتقدم خدمات إدارة الاستثمار في جميع أنحاء العالم.
ووفقًا لتقرير الشركة، فقد ارتفع متوسط أسعار البيع في الربع الآخِير من 2023 في مدينة السادس من أكتوبر بنسبة 56%، وبنسبة 63% في القاهرة الجديدة، بينما ارتفعت الإيجارات في المدينتين بنسبة 25% و30% على الترتيب.
وأظهرت البيانات أيضًا، أن أسعار إعادة بيع الوحدات السكنية في القاهرة ارتفعت خلال العام الماضي بنسب تتراوح بين 60 إلى 63%.
من المتوقع أن تستمر أسعار البيع بالقاهرة في الارتفاع على المدى القصير إلى المتوسط، وسيقوم المطورون بتعديل الأسعار لتعويض الخسائر والحفاظ على هوامش ربح جيدة، في ظلِّ استمرار توقعات انخفاض قيمة العملة، وزيادة التكاليف على مدار عام 2024، وفقًا لتقرير الشركة.
ومن المتوقع أن تنجز «جيه إل إل» 33 ألف وحدة سكنية في القاهرة، أغلبها شقق سكنية ضمن مشاريع متعددة الاستخدامات، في عام 2024، مقارنة بـ 23 ألف وحدة في عام 2023.
وأشار تقرير الشركة، إلى أن قطاع العقارات المصري حافظ عمومًا على حالة الزخم الإيجابي خلال عام 2023، على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها البلاد.
استمرار ارتفاع العقارات على الرغم من انخفاض أسعار مواد البناء
أوضح الدكتور ماجد عبدالعظيم، الخبير الاقتصادي، ورئيس قسم الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، أنه على الرغم من انخفاض أسعار مواد البناء، لم تنخفض أسعار العقارات في مصر، وذلك بسبب التزام المطورين العقاريين بتقديم خطط تقسيط طويلة للمشترين، مما يجبرهم على تحمل الزيادات في تكاليف المواد وتأثيرها على هامش الربح.
الطلب المتزايد على العقارات
وأضاف «عبدالعظيم» في تصريحات خاصة لـ«الحرية»، أن السوق العقاري في مصر يشهد طلبًا متزايدًا باستمرار، نظرًا لثقة المستثمرين فيه كملاذ آمن للاستثمار، كما يرجع هذا الطلب المتزايد إلى الزيادة السكانية التي تبلغ نسبتها 2.5% سنويًا.
ويتجاوز عدد سكان مصر 100 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 157 مليونًا عام 2050، بحسب توقعات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
تعدد أغراض شراء العقارات
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن شراء المباني لا يكون فقط بغاية السكن، وإنما هناك ما هو تجاري وإداري وكذلك بغرض الاستثمار فى السوق العقارى، الذي يعتبره العديد من المستثمرين سواء كانوا مصريين أو العرب أو أجانب، «سوق لا يمكن الخسارة به».
تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية
رغم التقلبات التى شهدها السوق العقاري العالمي في فترات مختلفة من الزمن، علي رأسها أزمة 2008، فإن السوق المصري لم يتأثر أو تنخفض أسعاره كما حدث في معظم الدول العربية والأجنبية، وهذا بسبب الثقافة المصرية التي تجعل من شراء العقارات أولوية، وأيضًا لأن المشتري الرئيسي بمصر بأكثر من 90% هم المصريون، ولا نعتمد علي العميل الأجنبي كالبلدان الأخرى.
توقعات أسعار العقارات في مصر 2024
وفقًا للخبير العقاري، من المتوقع أن تشهد أسعار العقارات في مصر مزيدًا من الارتفاع، خلال الفترة المقبلة.
كيف يقيم المشترى العقار؟
وينصح رئيس قسم الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، المقبلين على شراء العقار، بالتركيز على موقع العقار، واختيار مطور عقاري موثوق لديه مصداقية، وقدرة على الوفاء بالالتزامات، ومن ثم النظر في المواصفات والتكلفة، وفقًا للميزانية واحتياجات المشتري.
هل يحدث ركود عقاري في مصر؟
تشهد مصر وفرة في المعروض العقاري، إذ لا يكاد يمر شهر دون الإعلان عن مشروع جديد في شرق القاهرة أو غربها، رغم الزيادات المطّردة في تكاليف مواد البناء وأسعار الأراضي، الأمر الذي دفع قيمة الوحدات للزيادة بمقدار يصل إلى نحو 100 في المئة خلال عام 2023، فهل تحدث تلك القفزات السعرية ركودًا عقاريًا في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان؟
خطة «بالم هيلز» في 2024
كشف رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز، ياسين منصور، أن حجم مبيعات الشركة في العام الماضي تجاوز ضعف مبيعاتها في عام 2022.
وأشار «منصور»، خلال لقاء له مع «العربية Business»، إلى خطة الشركة لبناء عدد مضاعف من الوحدات في عام 2024، مقارنة بالعام السابق، وذلك بالرغم من توقف عمليات البيع لفترة، بسبب صعوبة تحديد تكلفة الإنشاءات والمخاطر المصاحبة، مع اتخاذ إجراءات لتقليل هذه المخاطر.
وأوضح، أن الشركة تعتمد على بيع الوحدات التي تمثل نسبة أكبر من قيمة الأرض، لتقليل تأثير الارتفاع في قيمة الدولار، مشيرًا إلى أن التحدي ليس فقط في ارتفاع قيمة الدولار، ولكن أيضًا في نقص الخامات.
أسعار «بالم هيلز» 2024
أكد منصور أن شركته رفعت الأسعار بنسب تراوحت بين 70 إلى 80% في عام 2023، ورفعها مرة أخرى بنسبة 50 إلى 60% في عام 2024.
وفي سياق متصل، كشف رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز، عن تفاوض الشركة على قرض بقيمة تصل إلى 4 مليارات جنيه مع تحالف بنكي.
فيما تعمل الشركة على عدم زيادة القروض حاليًا، والاعتماد على التمويل الذاتي، ولذلك تم وقف توزيع الأرباح منذ 3 سنوات.
وأضاف: لن نلجأ لعمليات توريق العام الماضي مقارنة مع ملياري جنيه بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
وتوقع ياسين منصور، تعثر عدد من رجال الأعمال، وتعرض شركات لهزات قوية في القطاع العقاري بسبب أزمة الدولار وارتفاع سعر الفائدة.
رفعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25 بالمئة، 28.25 بالمئة و27.75 بالمئة، على الترتيب.
ورفع المركزي المصري، _كذلك_ سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.75 بالمئة، وذلك في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية.
أكد بهاء كريم، مدير شركة «عقار مصر» في تصريحات خاصة لـ«الحرية»، أن أسعار العقارات في الساحل الشمالي شهدت ارتفاعًا كبيرًا، خاصة بعد إطلاق مشروع «رأس الحكمة»، أصبح يتهافت الجميع للاستثمار في المنطقة، أو المناطق المجاورة معلقًا: «من جاور السعيد يسعد».
وفيما يتعلق بتأثير انخفاض قيمة الجنيه في سوق العقارات، أوضح «كريم» أن هناك اتجاهين متباينين بعد قرارات البنك المركزي، حيث كانت العقارات تُعتبر ملاذًا آمنًا للاستثمار أثناء فترة من الضبابية الاقتصادية، لكن مع وضوح الأمور، قلت قيمة الاستثمارات لدى بعض الأشخاص.
وأضاف، أن الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد يشجع المستثمرين الأجانب، إذ يتمكن المستثمر من التنبؤ بمصير أمواله وطرق استردادها.
الأزمات التي تواجهه سوق العقارات في مصر
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه سوق العقارات في مصر، أوضح مدير «عقار مصر» أن زيادة تكاليف البناء وارتفاع أسعار الأراضي، بالإضافة إلى عدم توفر التمويل من البنوك للمطورين، وصعوبة شروط قانون التمويل العقاري، تُشكل تحديات كبيرة للمطورين.
وبخصوص استمرار ارتفاع أسعار العقارات على الرغم من انخفاض الأسعار، أوضح أن العديد من المطورين قاموا ببيع العقارات بأسعار مخفضة في الماضي، ولم يكن أحد يتوقع ارتفاع الأسعار بشكل كبير كما حدث، مما دفع بعضهم إلى تعويض هذا الفارق اليوم، من خلال زيادة الأسعار بشكل كبير.
وأضاف: «مش صحيح أن انهاردة حد اشترى مع مطور من أربع أو خمسة شهور بسعر، ويجي انهاردة يلاقي الشركة نزلت الأسعار كدا، هو خسر استثماره، ومن المفترض أن العقار ديمًا ملاذ آمن».
توقعات أسعار العقارات في القاهرة والساحل
وتوقع بهاء كريم، استقرارًا في أسعار العقارات بالقاهرة خلال الفترة المقبلة، بينما من المتوقع ارتفاع الأسعار في الساحل الشمالي، مع اقتراب موسم الصيف وإطلاق المشاريع الجديدة.
