السبت 26 أبريل 2025 09:40 مـ 28 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

موجة إدانة واسعة ضد مليشيات الحوثي لإطلاقها حملة ترهيب واعتقالات بحق شيخ قبلي

السبت 26 أبريل 2025 02:44 صـ 28 شوال 1446 هـ
عناصر حوثية
عناصر حوثية

عبّر ناشطون وسياسيون يمنيون عن غضبهم واستنكارهم الشديدين للتهديدات ومحاولات الاعتقال التعسفي التي تشنها مليشيات الحوثي الإرهابية ضد الشيخ ناصر بن يحيى العرجلي، أحد أبرز مشايخ قبيلة حاشد ورئيس حزب اليمن الحر.

وأثار أمر القبض القهري الذي أصدرته المليشيات الحوثية ضد العرجلي موجة انتقادات واسعة، حيث يُنظر إليه على أنه جزء من مخطط لتصفية الحسابات معه وإسكات صوته المنتقد للفساد المستشري والظلم الذي تمارسه هذه الجماعة الإرهابية.

تهم ملفقة لإسكات المعارضة

المليشيات الحوثية، المعروفة باستخدامها الذريعة الأمنية لتبرير جرائمها، وجهت للشيخ العرجلي تهمًا خطيرة بالتخابر مع "العدوان"، وهي التهمة الجاهزة التي اعتادت الجماعة استخدامها للتخلص من أي شخص يجرؤ على انتقاد سياساتها أو الوقوف في وجه فسادها.

وأكد الناشطون والسياسيون أن هذه التهمة ليست سوى ذريعة لاستهداف العرجلي بسبب مواقفه الشجاعة في مواجهة الفساد ومطالبته بتحقيق العدالة في قضية مقتل شقيقه ردفان، الذي اغتالته قيادات حوثية بارزة عام 2020.

تفاصيل القضية: جريمة مكتملة الأركان

تعود تفاصيل القضية إلى تصاعد الخلاف بين الشيخ العرجلي ومليشيات الحوثي، حيث تعرض منزله لهجوم مسلح في عام 2020 أسفر عن مقتل شقيقه ردفان وإصابة ناصر نفسه.

وقد كشف العرجلي علنًا أن القيادي الحوثي عبد المجيد الحوثي هو المسؤول الأول عن هذه الجريمة البشعة، مؤكدًا أن الأخير يسعى لمصادرة أراضيه وممتلكاته عبر أساليب العنف والإرهاب.

وفي عام 2023، وجّه العرجلي دعوة مباشرة إلى قبيلة حاشد، طالبًا منها اتخاذ موقف واضح ضد "القاتل عبد المجيد الحوثي وعصابته الإجرامية".

وأشار بيان رسمي صادر باسم القبيلة إلى أن عبد المجيد الحوثي اعترف بنفسه أمام وسائل الإعلام بأنه المسؤول الأساسي عن الجريمة، وهو ما يعكس استهتار المليشيات بالإنسانية والقانون.

التحريض والتهم الجاهزة

تصاعدت الأزمة بشكل كبير بعد أن قام القيادي الحوثي محمود الجنيد، نائب رئيس الوزراء في حكومة صنعاء غير المعترف بها، بتوجيه اتهامات مباشرة للعرجلي بالتحريض عليه وتقديم "إحداثيات للعدوان" لاستهداف منزله.

جاء هذا الاتهام بعد منشور للعرجلي طالب فيه بإخلاء منزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في صنعاء، الذي تحتله عائلة الجنيد منذ عام 2015، ووصفه بأنه "يُقدر بعشرات المليارات من أموال الشعب".

ويرى مراقبون أن هذه الاتهامات ليست سوى حيلة رخيصة من مليشيات الحوثي لتصفية حساباتها مع الشيخ العرجلي، خاصة وأنه أصبح صوتًا نقديًا قويًا ضد الفساد المستشري داخل صفوف الجماعة.

واستخدام تهمة "التخابر مع العدوان" بات أداة تقليدية لهذه المليشيات للتخلص من معارضيها، سواء كانوا سياسيين أو قبليين.

ردود الفعل: إدانة واسعة ودعوات للتدخل

أثارت قضية العرجلي موجة إدانة واسعة من قبل الناشطين والسياسيين اليمنيين، الذين أكدوا أن مليشيات الحوثي تسعى إلى تصفية حساباتها عبر تلفيق التهم للمعارضين.

وقال الناشط الحقوقي علي محمد صالح إن "ما يحدث مع الشيخ العرجلي هو محاولة واضحة لإسكات صوت الحقيقة وقمع أي معارضة داخلية"، مضيفًا أن "الجريمة الحقيقية هي تجاهل تحقيق العدالة في قضية مقتل شقيقه ردفان، والتي تعكس مدى الفوضى والظلم الذي تنتهجه هذه المليشيات الإرهابية".

بدورها، دعت منظمات حقوقية محلية ودولية إلى التدخل السريع لحماية الشيخ العرجلي وضمان حقه في الدفاع عن نفسه أمام القضاء.

وأكدت المنظمات أن استمرار سياسة الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري يعكس حالة الانهيار الكامل للقانون والنظام في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية.

تاريخ طويل من الخيانات والصراعات

يُذكر أن الشيخ ناصر العرجلي كان أحد الداعمين لمليشيات الحوثي في بدايات سيطرتها على العاصمة صنعاء عام 2014، حيث ساهم في إسقاط محافظة عمران، وشغل منصب وكيل وزارة الصحة حتى عام 2017 عندما تم إقالته دون مبرر واضح.

ومنذ ذلك الحين، تصاعدت الخلافات بينه وبين قيادات الجماعة، وصولًا إلى الاشتباك المسلح الذي أودى بحياة شقيقه ردفان وأدى إلى إصابة ناصر نفسه.

رسالة إلى قبيلة حاشد

في ظل هذه التطورات، وجّه العرجلي رسالة إلى قبيلة حاشد، داعيًا إياها إلى الوقوف بحزم ضد "المليشيات الإجرامية" التي تحاول تدمير النسيج الاجتماعي والقبلي في اليمن.

وقال في بيانه: "لا يمكننا أن نظل صامتين أمام هذه الجرائم التي تستهدف أبناء القبيلة الواحدة وتسعى إلى إشعال الفتنة بينهم"، مؤكدًا أن "الوقت قد حان لمحاسبة القتلة ومصادرة ممتلكاتهم".

ختامًا: مستقبل محفوف بالمخاطر

تبدو قضية الشيخ ناصر العرجلي كاشفة عن حجم الصراعات الداخلية داخل مليشيات الحوثي، حيث تتداخل المصالح السياسية مع النزاعات القبلية في ظل غياب كامل للعدالة وسيادة القانون.

وفي الوقت الذي يدعو فيه الناشطون والسياسيون إلى ضرورة التحرك لحماية العرجلي، فإن المستقبل يبدو غامضًا بالنسبة له ولغيره من الأصوات المعارضة في ظل استمرار سياسات القمع والانتقام التي تنتهجها هذه المليشيات الإرهابية.
قضية العرجلي ليست فقط قضية شخصية، بل هي انعكاس لأزمة أوسع تعيشها اليمن تحت وطأة الحكم الحوثي، حيث تُستخدم القوة والقمع كأدوات لتحقيق المكاسب السياسية والشخصية، بينما يدفع المواطنون ثمنًا باهظًا لهذه السياسات القمعية.

موضوعات متعلقة