بنغازي 10 يوليو 2024 (الأنباء الليبية) -تحرك بيد أصابها الوهن بقطعة من “الكرتونة” تستعملها للبحث عن نسمات هواء باردة على سريرها وهي محاصرة بالظلام الدامس من كل جهة، لعلها تستطيع مجابهة هذا الحر وانقطاع التيار الكهربائي الذي عانت منه بنغازي مدة أسبوعين.
وشاركت المواطنة زينب الهوني، (80 عاما) صحيفة الأنباء الليبية معاناتها، أثناء معايشتها لساعات طرح الاحمال المستحيلة، والتي استمرت لأكثر من 24 في بعض المناطق، بسبب أزمة انقطاع الكهرباء، التي بدأت في 29 يونيو الماضي، نتيجة أعمال حفر لإنشاء أحد جسور، أدي إلى إصابة أحد الكوابل الكهربائية المغذية لما يقارب ثلثي بنغازي.
تابعت المواطنة “زينب” حديثها جد بأنها امرأة مسنة لا تستطيع تحمل كل هذه المعاناة، نتيجة انقطاع الكهرباء وخوفها على أدويتها الخاصة بمرض السكرى من أن تفقد فعاليتها، فالأدوية تحتاج لوسائل تبريد معينة للحفاظ عليها.
وقالت: “أقوم بشراء هذه الإبر التي تحافظ على حياتي بثمن باهظ، فالدولة أحيانا تقوم بتوفيرها بشكل مجاني، وكثيرا أقوم بشرائها، إضافة إلى حزمة من الأدوية المكلفة الأخرى التي لابد أن اتناولها، منها الخاصة بارتفاع الضغط وأدوية القلب، وبعد كل هذه التكاليف، تأتي أزمة انقطاع التيار الكهربائي لتثقل عليها مر هذه الأيام.
وقالت رافعة عينيها للسماء: ” أنا امرأة مسنة يصعب خروجي من المنزل للبحث عن مكان آخر متوفر به الكهرباء، أتمنى من المسؤولين أن ينظروا إلينا بعين الرحمة، وأن يعجلوا حل هذه الازمة، مشددة على ضرورة محاسبة من تسبب في هذا العطل بقولها” ليش ما يشدوه ويحبسوه بيش يعرف مرة أخرى وين يحفر معقولة يخلينا في ظلام”!
ومن جهته يقول المواطن صالح الفرجاني (65) عاما، متقاعد من بنغازي: “طرح الأحمال يصل في منطقته بمركز المدينة، بسبب ارتفاع الحرارة إلى 22 و23 ساعة يوميا، مع ارتفاع نسبة الرطوبة إلى نسبة 85 في المائة، مما يفاقم الوضع الصحي على أصحاب الأمراض المزمنة.
وأضاف: عدد كبير من مرضى السكري يعتمدون في خطة علاجهم على ما يعرف بإبر القلم الخاصة بجرعات الأنسولين، التي يحتاجها المريض كلا بحسب وضعه الصحي، وهذه الإبر تتطلب عملية حفظها درجة حرارة معينة داخل الثلاجة، وسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة تلفها.
واسترسل قائلا: نحن نقوم بدفع فواتير الكهرباء منذ سنوات طويلة، تخصم أقساطها شهريا عن طريق حساب المصرف، غير أن الكهرباء مستمرة في طرح الأحمال حتى قبل اندلاع الأزمة، فضلا عن عدم وجود العدالة في ساعات طرح الأحمال.
وفي السياق ذاته قال المدير العام لمركز السكرى في بنغازي عوض قويري: إن تأثير انقطاع الكهرباء على مرضى السكري بوجه خاص يصل إلى درجة الخطورة، حيث يتطلب حفظها درجة حرارة معينة داخل الثلاجة بالإضافة إلى عدم قدرة تحمل المرضى درجات الحرارة المرتفعة، لساعات طرح الأحمال الطويلة التي تصل إلى 22 ساعة يوميا في المناطق المتضررة من عطل الكهرباء، بينما لم تقدم حلول فورية ولم يوضع جدول زمني مؤكد لانتهاء الأزمة.
وتابع قويري: أن تداعيات انقطاع الكهرباء المتكررة لها تأثيرات كبيرة جدا على الأدوية الخاصة بالمرضى أو الأدوية الموجودة في المخازن الطبية، خاصة أن احتياط المولدات الموجودة في المستشفيات غير قادرة على تغطية العبء الكبير عليها، وأحيانا كثيرة نضطر إلى إيقاف مولدات كل مرفق صحي يحتاج إلى أكثر من مولد لتغطية ساعات طرح الأحمال الطويلة، وكل مولد يعمل لمدة 12 ساعة فقط.
مشيرا إلى أن انقطاع التيار الكهربائي على المستشفيات يسبب في تلف الأدوية التي يحتاج حفظها إلى مكان بارد داخل المخازن.
هذا على مستوى القطاع الصحي، أما على مستوى الأفراد المرضى الذين يحتفظون بإبر الأنسولين في براد المنازل، فإنه سيتلف بالكامل ويصبح غير صالح للاستخدام، ومهدد بالخطر مشيرا أن الوضع مثيرا للقلق.
ـ واجمع العديد من المواطنين منذ اندلاع الأزمة على مرورهم باضطرابات نفسية عدة، تمثلت في أرق في النوم وصعوبة في ممارسة مهام اليومية.
واستعرضت الاستشارية النفسية هبة الجازوى ـ في حديثها لصحيفة الأنباء الليبية، بعضا من الآثار النفسية التي تصيب الفرد جراء تكرار انقطاع التيار الكهربائي، بداية من شعوره بعدم الأمان خاصة على كبار السن، حيث يشعرون بالعزلة إذا انقطع الاتصال الهاتفي، وأولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والأمراض المزمنة.
وهذه الآثار قد تشمل القلق والذعر الأكبر سنا، الذين يشعرون بقلق شديد بسبب عدم قدرتهم على استخدام الأدوات الطبية أو الأجهزة المنزلية الضرورية.
وتابعت أن هناك تأثيرات على مرضى الذين ارتفاع ضغط الدم يؤثر سلبًا على حالتهم الصحية العامة، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل أكبر، الإحباط والغضب مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات صحية بالإضافة للشعور بالعزلة الوحدة.
وعرجت الجازوي على آثار انقطاع الكهرباء الذي جاء متزامنا مع خضوع طلبة الشهادة الثانوية لإجراء الامتحانات النهائية، فقالت: أنهم يشعرون بالتوتر الأكاديمي بسبب على استكمال المقررات الدراسية والاستعدادات للاختبارات بشكل جيد، خاصة إذا كانوا يعتمدون على الأجهزة الإلكترونية، وأيضا تأثير سلبي على الأداء الأكاديمي، مما يزيد من الإجهاد.
وأشارت الاستشارية النفسية الجازوي إلى ضرورة تقديم الدعم المعنوي والمساعدة بشكل منتظم، لكبار السن والصغار وطلبة الثانوي بشكل خاص حتى انتهاء الأزمة.
ويتطلع سكان المناطق المتضررة التي غرقت في الظلام لأكثر من عشرة أيام، بأمل كبير إلى الاعلان الصادر عن الشركة العامة للكهرباء، عن عودة التيار الكهربائي بشكل تدريجي إلى كافة أحياء المدينة بعد الانتهاء من تركيبة الوصلات بنجاح.
يذكر أن الحكومة الليبية طالبت في بيان رسمي متصل في هذه الأزمة الجميع الالتزام بالضوابط القانونية عند مباشرة أي أعمال حفر وصيانة بالطرق العامة لتفادي تكرار مثل هذه الأزمة مستقبلا، والتي لا تعد الأولى. (الأنباء الليبية) س خ.
-متابعة: فاطمة الورفلي
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من وكالة الانباء الليبية وال