طرابلس – لا يزال القانون رقم (5) لسنة 2017، الذي ينص على زيادة معاشات المتقاعدين في ليبيا، دون تنفيذ فعلي، رغم مرور نحو ثمانية أعوام على صدوره، وسط انتقادات لغياب التمويل الكافي وتفاوت آليات احتساب المعاشات.
ويرى خبراء أن عدم ترجمة القانون على أرض الواقع يعود إلى غياب مصادر تمويل مستدامة، في حين يشير البعض إلى أن منظومة التقاعد تفتقر للعدالة، خاصة في ظل التفاوت الكبير بين مستحقات المتقاعدين.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي إدريس الشريف أن مطالبة صندوق الضمان الاجتماعي بتوفير تمويل ثابت لتغطية الفوارق الناتجة عن القوانين الجديدة للمرتبات تُعد مطلبًا مشروعًا، موضحًا أن القانون الأساسي الصادر عام 1981 استند إلى دراسات دقيقة حددت نسب الاشتراكات وأعمار التقاعد، بحيث تُغطى المعاشات من مساهمات الموظفين وجهات عملهم والخزانة العامة بنسبة بلغت نحو 15%.
وأضاف الشريف في تصريحات نقلتها بوابة الوسط أن القانون رقم 88، الذي أتاح التقاعد الاختياري بعد 20 سنة خدمة دون بلوغ سن 62 عامًا، تسبب في عبء مالي إضافي على الصندوق دون تعديل في مصادر التمويل. كما أشار إلى أن الرواتب ارتفعت تدريجيًا بعد أحداث 2011، بينما استمرت المعاشات تُحسب على أساس القيم القديمة، إلى أن صدر قرار برفع الحد الأدنى للمعاش من 450 إلى 900 دينار، ما زاد الضغط على موارد الصندوق، خاصة أن بعض المتقاعدين ساهموا باشتراكات منخفضة خلال حياتهم الوظيفية.
ورغم رفع الحكومة لنسبة الاشتراكات من نحو 10% إلى أكثر من 20%، فإن القوانين اللاحقة، مثل القانون رقم (5) لسنة 2013، الذي يهدف إلى استفادة المتقاعدين من زيادات رواتب العاملين، لم تُنفذ بسبب غياب التمويل اللازم، ما أدى إلى تعطيل التطبيق لأكثر من 12 عامًا.
وانتقد الشريف ما وصفه بـ”غياب العدالة” في نظام التقاعد، حيث يتساوى أحيانًا من خدم 40 عامًا في الوظيفة مع من تقاعد بعد سنوات قليلة، في تقاضي الحد الأدنى نفسه من المعاش. كما أشار إلى أن بعض القطاعات، مثل القضاء والرقابة، تمنح متقاعديها رواتب كاملة بنسبة 100%، بينما يُفرض على موظفي التعليم وغيرهم سقف أقصى لا يتجاوز 80%، ما يخلق فجوة في العدالة ويزيد الأعباء على باقي المضمونين.
وختم الشريف بأن صندوق الضمان الاجتماعي محق في طلب تمويل إضافي لمواجهة التزاماته، لكنه في الوقت نفسه أخل بمبدأ المساواة بين المتقاعدين، ما أفرز حالة من التمييز بين الفئات، على حد تعبيره.