اقتصاد

“أبوسنينة” يكتب: دعوة للتقييم الاقتصادي لأرقام الإيراد والإنفاق العام المعلنة وميزانية عامة متوازنة للدولة

كتب الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” مقالاً قال خلاله:

تأسيسًا على بيان الإيراد والإنفاق خلال الفترة من 1/1/2025 إلى 31/7/2025، الصادر عن مصرف ليبيا المركزي، تناولت عديد الصفحات على الفيسبوك الأرقام المعلنة، واهتمت بما تم إنفاقه من قبل مختلف القطاعات والمؤسسات خلال السبعة أشهر المنصرمة من هذه السنة، في تناول لهذه الأرقام المطلقة، بين منبهر ومشكك ومتسائل ومتحسر ومستغرب من جهة، وراضٍ ومقتنع وطالب للمزيد من جهة أخرى. وكان التحليل والتقييم الاقتصادي للأرقام، وهو الأهم، الغائب عن المشهد، في وقت تعصف فيه المشاكل الاقتصادية بالبلاد، وفي وقت يطالب فيه المصرف المركزي بإقرار ميزانية عامة للدولة، وتعمل فيه السلطات المعنية على إصدار الميزانية المطلوبة، وكأن السنة المالية تبدأ اليوم!!!

فقد بلغ إجمالي الإنفاق خلال فترة السبعة أشهر الماضية 66.145 مليار دينار، يغطي كافة بنود الميزانية العامة التقليدية المعروفة، بما في ذلك المرتبات والدعم، وبمتوسط إنفاق شهري يقدَّر بمبلغ 9.449 مليار دينار.

وفي محاولة لتحديد حجم الميزانية العامة السنوية التي تتوافق مع الأرقام المعلنة حتى تاريخه، من الناحية المحاسبية، وباعتماد مبدأ استقرار الإنفاق على أساس واحد من اثني عشر (1/12) خلال السنة مما تم إنفاقه خلال السبعة أشهر الماضية، يكون حجم الإنفاق المتوقع خلال الخمسة أشهر المتبقية من السنة المالية (1/8/2025 إلى 31/12/2025) مبلغ 47.246 مليار دينار، وبذلك يكون إجمالي الإنفاق المقدَّر خلال كامل السنة 113.393 مليار دينار، وهو ما ينبغي أن يكون سقف الإنفاق بنهاية السنة.

وبالنظر إلى إجمالي الإيرادات التي تحققت خلال السبعة أشهر المنصرمة والتي تُقدَّر بمبلغ 73.524 مليار دينار، فإن إجمالي الإيرادات النفطية المتوقعة بنهاية السنة المالية ـ بافتراض استقرار أسعار النفط ومعدلات تصديره ـ في حدود 105 مليارات دينار، مضافًا إليها الإيرادات السيادية الأخرى الضريبية والجمركية والإتاوات والإيرادات المحلية، في حدود 7 مليارات دينار.

فهل نتوقع اعتماد ميزانية عامة للدولة لعام 2025، في حدود 113.393 مليار دينار؟ قد يقول البعض إن هذا تبسيط للواقع، وإن الأوضاع أكثر تعقيدًا مما يبدو، وإن الأرقام المعلنة لا تعبِّر عن الواقع. هذا احتمال وارد، ولكن الثابت والمعلن من خلال التدفقات النقدية لدى المصرف المركزي أنه تم بالفعل إنفاق مبلغ 66.145 مليار دينار خلال الشهور السبعة المنصرمة من السنة، بافتراض صحة هذه الأرقام.

وإذا كانت هناك نفقات تمت ولم يتم حصرها وتوثيقها ـ وأنا هنا لا أدّعي ذلك، ولكن للتوضيح فقط ـ كأن تكون صُرفت من حسابات للحكومة خارج المصرف المركزي، فهذا يشكل خللًا كبيرًا في المالية العامة لا يمكن قبوله. أيضًا، إذا كانت هناك التزامات قائمة على الخزانة العامة لم تتم تغطيتها خلال السبعة أشهر الماضية، أو أغراض صرف مستهدفة من أول يوم في السنة المالية ولم تتوفر لها الموارد المالية اللازمة، ومطلوب تغطيتها خلال ما تبقّى من السنة، فيجب الإفصاح عنها بشفافية كاملة، وفي حال إقرارها قد تؤجَّل للسنة المالية القادمة إذا تعذر توفير التغطية المالية اللازمة لها.

لهذا السبب نطالب دائمًا بضرورة وضع مستهدفات محددة وواضحة للميزانية العامة (معدل نمو مستهدف، معدل تضخم متوقع، معدل تشغيل أو استخدام مستهدف)، ولا يكون الإنفاق عشوائيًا، أو كلما توفرت موارد أو زيادة في دخل الخزانة العامة.

وفي كل الأحوال لا ينبغي أن تتجاوز أهداف الإنفاق العام خلال السنة إجمالي الموارد المتوقعة (إيرادات نفطية، وسيادية أخرى، وإيرادات أخرى تؤول لحساب الإيراد العام) خلال نفس السنة.

وفي ظل الأوضاع السياسية والانقسام المؤسساتي، يجب تجنب ترتيب المزيد من الدين العام، والتصرف على أساسيات الاقتصاد الكلي، ومراعاة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني، للمحافظة على الاستدامة المالية للدولة، وللتحكم في نمو عرض النقود، وللمحافظة على استقرار سعر صرف الدينار الليبي، والحد من استنزاف الاحتياطيات، والحد من التضخم

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة صدى الاقتصادية

أضف تعليقـك

4 − اثنان =