تدعم الدولة الليبية أسعار الوقود بشكل يجعلها الأرخص عالميًا، مما أثار جشع المهربين الذين يستغلون قوت الليبيين في عمليات تهريب مشبوهة، لم تنجح جهود مكافحة التهريب في وضع حد لها حتى الآن.
في ظل تزايد عمليات تهريب الوقود عبر البر والبحر والصحراء جنوب ليبيا، برز الشاب الليبي محمد عامر بابتكاره جهازًا إلكترونيًا يهدف للقضاء على التهريب عبر التتبع الدقيق لقيم الوقود من مراكز التوزيع حتى المستهلك النهائي. هذا الجهاز حصل على براءة اختراع من مركز البحوث الصناعية الليبي، ويعد أملًا جديدًا لحل أزمة تهريب الوقود التي ألحقت أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الليبي.
محمد عامر، الشاب الطموح، يتحدث عن بداية فكرته قائلًا: “نشأت الفكرة من الحاجة الملحة لحل أزمة التهريب في ظل نقص الوقود الذي يعاني منه البلاد، وأردت أن أضع حلاً جذريًا لهذه المشكلة التي تؤرق الليبيين”. وأوضح أن الجهاز يعمل بمراقبة إلكترونية شاملة، بدءًا من المستودعات النفطية حيث يتم تركيب عدادات إلكترونية تحسب الكميات بدقة، وصولًا إلى الشاحنات المزودة بصمامات لا تُفتح إلا عبر غرفة التحكم، مرورًا بمحطات التوزيع التي تُراقب إلكترونيًا لمنع أي تلاعب أو تهريب.
يُبين عامر أهمية الجهاز بقوله: “إن هذا الجهاز سيخدم ليبيا ودول الجوار التي تعاني من تهريب الوقود، وإذا تم تبنيه فسنتمكن من القضاء على 70% من مشكلة التهريب”. ويرى أن تبني هذا المشروع بشكل عاجل من قبل الجهات المعنية سيحقق استقرارًا كبيرًا للبلاد.
شارك عامر في معرض ليبيا للمشروعات الصغرى، وحظي جهازه بانتشار واسع واهتمام كبير، حيث وثق الجهاز ونشر فيديوهات له على مواقع التواصل الاجتماعي، مما جذب انتباه إحدى الشركات النفطية التي تبنته. سافر عامر إلى الصين لتصنيع الجزء الأول من الجهاز كتجربة أولية، ويتطلع إلى دعم المشروع من الجهات المعنية في ليبيا لضمان نجاحه.
ردود الفعل كانت إيجابية، حيث أعربت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة المختصة في تسويق الوقود عن إعجابهم بالمشروع. كما نال المشروع دعم مكتب النائب العام وديوان المحاسبة والعديد من الجهات الحكومية.
يحلم عامر بتحقيق أهداف جهازه، مشيرًا إلى أن أكثر من 480 محطة وقود موجودة على الأرض و90% من محطات المناطق النائية مغلقة. وفقًا لتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة وتقرير ديوان المحاسبة لعام 2021، بلغت قيمة خسائر التهريب 2.5 مليار دولار، وتضاعفت في 2023.
يؤكد عامر أنه يمكن القضاء على 95% من عمليات تهريب الوقود، مشددًا على ضرورة الإسراع في دعم المشروع لتحقيق النجاح المرجو. لقد ترك عامر جميع أعماله لتحقيق هذا الهدف، داعيًا المواطنين لدعمه في مواجهة هذه الظاهرة.
في مشاركته بمهرجان الشباب العالمي في سوتشي الروسية، قال عامر إن هذه التجربة كانت ممتازة، حيث استطاع نقل رسالة بأن الشباب الليبي قادرون على الابتكار وحل أزماتهم بأنفسهم، وأنهم يسعون للتواصل مع العالم بلغة الند للند. قدم عامر شكره لروسيا وللجان المنظمة على حفاوة الاستقبال والتنظيم الرائع.