ليبيا الان

أزمة التصحر في الجبل الغربي.. واقع مأساوي ومستقبل مهدد

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

على مدى العقدين الماضيين، شهدت منطقة الجبل الغربي في ليبيا تحولًا جذريًا في مناخها وبيئتها الطبيعية. ما كان يومًا مروجًا خضراء مليئة بالأشجار المثمرة والحياة الزراعية النشطة، بات اليوم صحراء قاحلة تعاني من الجفاف الشديد ونقص المياه. هذا التحول الكارثي ليس مجرد تغير طبيعي، بل هو نتيجة مباشرة لتغير المناخ وتداعياته المتزايدة.

قبل سنوات قليلة، كانت منطقة الجبل الغربي تزخر بالخضرة وتعتبر واحدة من أهم المناطق الزراعية في ليبيا. كانت الأمطار تهطل بانتظام، مما سمح بزراعة مختلف المحاصيل وأشجار الزيتون واللوز. ولكن مع بداية الألفية الجديدة، بدأت ملامح التغير المناخي تظهر بوضوح.

انخفضت معدلات الأمطار إلى النصف تقريبًا، من 400 ملليمتر سنويًا إلى أقل من 200 ملليمتر في السنوات الأخيرة، مما أثر بشدة على الزراعة وأدى إلى موت الكثير من الأشجار المثمرة.

الجفاف الشديد لم يؤثر فقط على البيئة، بل أحدث أيضًا تأثيرات اجتماعية واقتصادية هائلة. مئات العائلات في منطقة الجبل الغربي اضطروا للهجرة إلى المدن الساحلية بحثًا عن مصادر مياه وأراضي زراعية أكثر استقرارًا. هذه الهجرة القسرية تسببت في تغيير ديموغرافي واضح في المنطقة، حيث باتت العديد من القرى مهجورة أو شبه مهجورة.

أمحمد معقاف، أحد المزارعين الذين عانوا من هذا التحول، يعبر بحسرة عن حال مزرعته: “كانت الأشجار هنا تثمر بغزارة، أما الآن فقد يبست أو ماتت بالكامل. نضطر لجلب المياه من أماكن بعيدة، وكثيرون تركوا مزارعهم لأن تكلفة المياه أصبحت باهظة”. هذا الواقع الصعب جعل العديد من المزارعين يبيعون مواشيهم ويتخلون عن زراعاتهم التقليدية التي كانت تتطلب كميات كبيرة من الماء.

تعد ليبيا واحدة من أكثر الدول جفافًا في العالم، وتعتمد بشكل كبير على مشروع النهر الصناعي الذي أطلق في الثمانينيات لنقل المياه الجوفية من الجنوب إلى الشمال. هذا المشروع، رغم أهميته، ليس حلاً مستدامًا لأنه يعتمد على مصادر مياه غير متجددة. ومع استمرار التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، تزداد المخاوف من نفاد هذه الموارد وتفاقم الأزمة المائية.

مراد مخلوف، رئيس بلدية كاباو، يشير إلى أن “الجفاف أثر على كل مناحي الحياة في المنطقة، فالمياه أصبحت نادرة والزراعة تدهورت بشكل كبير. نحتاج إلى استراتيجيات وطنية فعالة للتكيف مع هذه التغيرات، وإلا فإن الأوضاع ستزداد سوءًا”. هذه التحديات تتطلب جهودًا مكثفة من الحكومة والمجتمع الدولي لتطوير سياسات مائية وزراعية مستدامة.

لمواجهة هذا التحدي البيئي الخطير، يجب على ليبيا اتخاذ خطوات استباقية للحد من آثار الجفاف وتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية. تطوير تقنيات الري الحديثة واستخدام المياه بشكل أكثر كفاءة، بالإضافة إلى تعزيز حملات التشجير وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، يمكن أن يكون جزءًا من الحلول الممكنة.

كما يمكن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة هذه الأزمة. الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر قد يساهم في توفير مصادر مائية بديلة. كذلك، يمكن للمنظمات الدولية تقديم الدعم الفني والمالي لتطوير البنية التحتية المائية في البلاد.

الجفاف الذي ضرب منطقة الجبل الغربي في ليبيا هو انعكاس واضح لتحديات التغير المناخي وآثاره الكارثية على البيئة والمجتمع. تحتاج ليبيا إلى استراتيجيات شاملة ومستدامة لمواجهة هذه الأزمة وضمان مستقبل أفضل لأجيالها القادمة. بدون تدخل عاجل وفعال، سيظل الجفاف يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المنطقة ورفاهية سكانها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24