نسرين سليمان
طرابلس -«القدس العربي»: سيطر الحديث عن اللقاء الثلاثي المرتقب في القاهرة بين مجلس النواب والدولة والمجلس الرئاسي على نقاشات وسائل الإعلام المحلية وتصريحات المسؤولين الذين أثير بينهم جدل حول جدوى اللقاء وفعاليته في هذا الوقت تحديداً.
ويستعد رؤساء مجالس البلاد الثلاثة، وهم رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لعقد اجتماع ثان في القاهرة منتصف الشهر الجاري برعاية الجامعة العربية، لمواصلة مشاوراتهم التي بدأت في مارس الماضي لمناقشة التوافق على القوانين الانتخابية وتوحيد السلطة التنفيذية.
وكشف تكالة، خلال كلمة له في اجتماع مجلس الدولة، عن تحضيرات تجرى “على مختلف المستويات لتوفير الظروف الملائمة” لعقد اللقاء الثلاثي الثاني منتصف هذا الشهر، مشيراً إلى أن اللقاء المرتقب سيستمر في مناقشة “التوافق على النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، وإخراج سلطة تنفيذية موحدة”.
وفي سياق هذه المناقشات، قالت عضو مجلس النواب، ربيعة بوراس، إن الأزمة الحالية تتعقد أكثر بسبب عدم قدرة رئيسي النواب والدولة عقيلة صالح ومحمد تكالة على إدارتها أو تسويتها، ولقاءات القاهرة التي تتم برعاية الرئاسي محكومة بالفشل، على حد قولها.
وأضافت في تصريحات صحافية أن كلا الشخصين لديه قائمة يدافع عنها ويبحث عن وسيلة لتغليبها، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
وأشارت إلى أن الرئاسي ابتعد عن مساره الحقيقي ويحاول أن يصبح طرفاً في الأزمة بدلاً من العمل على حلها. ورأت بوراس أن اللقاءات الحالية لن تحقق أي تقدم حقيقي في حل الأزمة الليبية.
وأوضحت أن مبدأ المغالبة لن يقدم شيئاً للقضية الليبية، بل سيزيد من حجم تعقيد الأزمة ويهدد ما تبقى من جسور التواصل بين الأطراف.
فيما أكد عضو مجلس النواب عن مدينة درنة، خير الله التركاوي، أن اجتماع القاهرة بين المنفي وعقيلة وتكالة، هو استمرار للمشهد السياسي الليبي المعقد.
وقال، في تصريحات صحافية: “الاجتماع المقبل سيتمحور حول نفس الحلقة المفرغة التي تتعثر فيها المبادرات السياسية دون تحقيق أي تقدم ملموس”.
وأضاف: “رئاسات وهمية تتولى إدارة شؤون أطراف النزاع المصطنعة، مما يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم فعلي نحو توحيد الجهود وتعزيز الحوار الوطني في ليبيا”.
كما قال عضو مجلس النواب، علي الصول، إن هناك اتصالات تجرى مع أعضاء من مجلس الدولة الاستشاري للترتيب لاجتماع مشترك مع أعضاء من البرلمان.
وأضاف الصول في تصريح صحافي أن اللقاء المرتقب بين أعضاء المجلسين يهدف لبحث عدد من الملفات منها تشكيل حكومة واحدة، وتوحيد السلطة، وكذلك توحيد المناصب السيادية، وآلية انتخاب رؤساء ووكلاء هذه المناصب، “وفق اتفاق بوزنيقة”.
وتابع: “لم يحدد مكان أو موعد الانتخابات، غير أن الاتصالات التي تجرى على مستوى الأعضاء في المجلسين تهدف للتوصل إلى توافق بشأن جدول الاجتماع والتاريخ ومكان اللقاء”.
وفي سياق آخر، يرى الباحث السياسي، أحمد أبو عرقوب، أن الحالة السياسية القائمة الآن في ليبيا مريحة لعدة أطراف سياسية، ولا يوجد ضغط يدفع باتجاه التغيير، سواء من المجتمع الدولي المنشغل عن الملف الليبي تماماً، ولا من الشعب الليبي.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن الوضع مريح للأطراف التي تستطيع الوصول للمال العام والسلطة واتخاذ القرار في النطاق الجغرافي الذي تسيطر عليه، وأعتقد أن اللقاء الثلاثي بين المنفي وعقيلة وتكالة سيؤجل لما بعد انتخابات رئاسة مجلس الدولة، وبالتالي لن يعقد في منتصف تموز/ يوليو.
وتابع قائلاً: “حتى إذا عقد الاجتماع الثلاثي، فلن يكون قادراً على التأثير على المشهد السياسي الليبي، واجتماعات أعضاء مجلسي النواب والدولة غير قادرة على إحداث تغيير في المشهد، ولن يحدث تغيير، ما لم تشارك القوى الفاعلة الموجودة في الأرض وتقتنع بالأساس بإحداث تغيير والذهاب لانتخابات وحكومة موحدة”.
فيما اعتبر عضو مجلس النواب عز الدين قويرب أن أي اتفاق يبرم مع محمد تكالة لن يكون ذا جدوى لقرب انتهاء رئاسته لمجلس الدولة.
قويرب قال في تصريح لتلفزيون المسار المحلي إنه من خلال التجارب السابقة أي اتفاقات تعقد مع تكالة تكون عرضة للتغيير من الرئيس القادم.
وأشار إلى أن تكالة تأخر في إبداء الوجه الحسن من التقارب السياسي لأنه عرقل التفاهمات ولم يكمل خطوات المشري.
ولفت إلى أنه على رئاسة البرلمان أن تأخذ بعين الاعتبار أنه لا جدوى من الاتفاق مع شخص قد لا يكون موجوداً في منصبه بعد أيام.
ورأى أن لقاءات القاهرة والمغرب تجرى بمعزل عن البعثة الأممية ولا تحمل أي صبغة إلزامية للأطراف، مبيناً أن المغرب ستدفع باتجاه احترام القوانين الانتخابية التي انبثقت عن لجنة 6+6 التي استضافتها.
ونوّه إلى أن اعتراض تكالة على القوانين الانتخابية موقف شخصي مخالف للإعلان الدستوري وللائحة مجلس الدولة، موضحاً أنه في حال فشل لقاء المغرب هناك مساع من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإيجاد حكومة واحدة ترعى الانتخابات.
وفي آذار/ مارس الماضي، عقدت جلسة حوارية ليبية في العاصمة المصرية (القاهرة)، بحضور كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بعد دعوة من الأمين العام لجامعة الدولة العربية، أحمد أبو الغيط.
وأعلنت جامعة الدول العربية عن مخرجات هذا الاجتماع الثلاثي بين رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة.
وأشارت في بيان إلى الاتفاق على وجوب تشكيل حكومة موحدة تقود لإجراء الانتخابات الليبية وتقدم الخدمات الضرورية للمواطن كذلك التوافق على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها ورفض أي تدخل أجنبي في شؤونها.
وأقر الحاضرون بمرجعية الاتفاق السياسي، وملاحقه تُشكل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة (6+6) وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة.
وحسب نص البيان، فقد جرى الاتفاق على توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية ودعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي لدعم هذا التوافق في سبيل إنجاحه.
واتفق المجتمعون على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ، كما أعلن مصدر برلماني أن اجتماع القاهرة الثلاثي خلص إلى الاتفاق على ضرورة تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية.
إقرأ الخبر ايضا في المصدر من >> المشهد الليبي