في نهاية عام 2015، انبثق مجلس الدولة كأحد مخرجات الاتفاق السياسي في الصخيرات، ليصبح مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية تهدف إلى دعم وتعزيز العملية السياسية في البلاد. ومع تقادم الزمن، أصبح من المعتاد أن يجري المجلس انتخابات دورية لاختيار رئيسه وأعضاء مكتبه كل أغسطس.
وفي هذا العام، يشهد مجلس الدولة منافسة شرسة بين ثلاث شخصيات بارزة هي محمد تكالة، وخالد المشري، وعادل كرموس. محمد تكالة الذي يعتبر أحد الوجوه الجديدة نسبياً في هذا السباق، تمكن من الفوز برئاسة المجلس في العام الماضي بحصوله على 67 صوتاً مقابل 62 صوتاً لخالد المشري الذي ترأس المجلس لخمس دورات متتالية. أما عادل كرموس، فهو يعد من الشخصيات البارزة في المجلس وله تاريخ طويل في العمل السياسي.
فتح الله السريري، عضو مجلس الدولة، أكد في تصريحاته أن المنافسة ستكون قوية وحامية بين المرشحين الثلاثة. وأضاف أن انتخابات هذا العام ستكون مختلفة نظراً للتغيرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، والتي قد تؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات.
أما عضو المجلس البقاسم قزيط، فقد أشار إلى أن الحديث عن المرشحين قبل يوم الانتخابات هو مجرد تخمينات، حيث أن الترشح يتم في قاعة المجلس يوم الانتخابات عند الإعلان عن المنصب الشاغر. وأوضح قزيط أن النظام الانتخابي يتطلب الحصول على 62 صوتاً للفوز بمنصب الرئيس من الجولة الأولى، وفي حال عدم تحقيق ذلك، تجرى جولة ثانية بين المرشحين الأكثر تصويتاً.
مجلس الدولة تأسس كجزء من الاتفاق السياسي، وكان أول رئيس له هو عبدالرحمن السويحلي الذي استمرت رئاسته دورتين. تلاه خالد المشري الذي تمكن من الحفاظ على منصبه لخمس دورات متتالية قبل أن يخسر أمام محمد تكالة في العام الماضي بفارق خمسة أصوات فقط.
يعتمد النظام الانتخابي لمجلس الدولة على مبدأ “المثالثة”، حيث يكون الرئيس من المنطقة الغربية، والنائب الأول من الجنوب، والنائب الثاني من الشرق، والمقرر من الغرب. هذا النظام يهدف إلى تحقيق التوازن الجغرافي والسياسي بين مختلف مناطق البلاد وضمان تمثيل عادل لجميع الأطراف.
تواجه ليبيا في هذه المرحلة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، والتي قد تؤثر بشكل كبير على مسار الانتخابات ونتائجها. المجلس الأعلى للدولة، باعتباره أحد المؤسسات الرئيسية في البلاد، يلعب دوراً حيوياً في رسم السياسات واتخاذ القرارات التي تؤثر على مستقبل البلاد. ولذلك، فإن الانتخابات الحالية تعد فرصة هامة لتحديد الاتجاه الذي ستسير فيه البلاد في المستقبل القريب.
مع اقتراب موعد الانتخابات، يترقب الجميع النتائج بشغف وتوتر، وسط توقعات بأن تكون المنافسة حامية الوطيس. فالمرشحون الثلاثة يمتلكون خلفيات سياسية قوية وتجارب متنوعة، مما يجعل التنبؤ بنتائج الانتخابات أمراً صعباً. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن تسفر هذه الانتخابات عن قيادة قوية وقادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار في ليبيا.
بغض النظر عن النتيجة، تبقى العملية الديمقراطية داخل مجلس الدولة مثالاً يحتذى به في الساحة السياسية الليبية، حيث تتجلى قيم الديمقراطية والتنافس الحر في أبهى صورها.