صراع تكالة والمشري: أزمة القيادة في المجلس الأعلى للدولة
يشهد مجلس الدولة خلافًا حادًا حول انتخابات رئاسة المجلس، حيث تصاعدت التوترات بين الرئيس منتهة ولايته محمد تكالة، وغريمه خالد المشري. هذه النزاعات ليست جديدة ولكنها تأتي في وقت حساس يتطلب فيه من المجلس تحقيق استقرار سياسي لضمان مستقبل ليبيا.
بدأت الأزمة عندما رفضت الكتل المتنازعة الاعتراف بالنتائج الانتخابية داخل المجلس الأعلى للدولة. في حين أعلن تكالة أنه ينتظر قرار القضاء ليحسم هذا الخلاف، أصر المشري على أنه الرئيس الشرعي. هذا النزاع العلني يعكس حالة الاستقطاب السياسي الحادة التي تسيطر على المجلس، وتهدد بعرقلة جهوده لتحقيق توافق سياسي شامل.
وصف المحلل السياسي محمد امطيريد وفي تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” هذا الخلاف بأنه “أول خلاف ظاهر داخل المجلس الأعلى للدولة”، مشيرًا إلى أنه يعكس انقسامات عميقة في الأجندة السياسية لأعضاء المجلس. وأضاف امطيريد أن هذا الصراع يأتي في وقت حرج، حيث تشهد البلاد تحركات سياسية تهدف إلى تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.
من المتوقع أن يكون للقضاء دور حاسم في حسم هذا الخلاف، حيث ينتظر الجميع قرار المحكمة بشأن شرعية الرئاسة داخل المجلس الأعلى للدولة. يعتبر هذا القرار مفصليًا في تحديد مستقبل القيادة داخل المجلس، وقد يؤدي إلى تهدئة التوترات أو تصعيدها.
من جانبه، أشار إدريس أحميد، الباحث السياسي، إلى أن هذا النزاع يعكس انقسامات أعمق تتجاوز حدود المجلس الأعلى للدولة، وتشمل تباينات في المواقف الإقليمية والدولية تجاه الوضع في ليبيا. واعتبر أحميد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن استمرار الخلاف داخل المجلس قد يؤدي إلى تعطيل العملية السياسية وإطالة أمد الأزمة.
يعتقد امطيريد وأحميد أن الصراع الحالي يعقد المشهد السياسي الليبي بشكل كبير. فالانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ينتظرها الشعب الليبي بفارغ الصبر قد تتأثر سلبًا بسبب هذه الخلافات. إذ أن عدم التوافق على قيادة المجلس الأعلى للدولة يعكس فشل الأطراف المتنازعة في تحقيق مصالح وطنية مشتركة، ويهدد بتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى.
يشير الخبراء إلى أن هذا الخلاف لن يبقى داخل حدود ليبيا، بل سيتجاوزها إلى الساحة الدولية. فالتوترات بين الكتل المتنازعة في المجلس الأعلى للدولة تتداخل مع مصالح إقليمية ودولية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويضع مزيدًا من الضغوط على الأطراف المعنية.
مع استمرار النزاع بين تكالة والمشري، يبقى مستقبل المجلس الأعلى للدولة غامضًا. قد يؤدي هذا الخلاف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي داخل المجلس، وربما خارجه. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتجاوز المجلس الأعلى للدولة هذه الأزمة ويعود لتحقيق أهدافه السياسية، أم سيظل رهينة للخلافات والانقسامات التي تهدد بتفتيته؟
في الختام، يواجه المجلس الأعلى للدولة تحديات كبيرة في هذه المرحلة الحرجة. فالتوترات بين تكالة والمشري تعكس صراعات أعمق تتجاوز حدود المجلس، وتضع ليبيا أمام تحديات جديدة في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي.