في الساعات الأولى من صباح اليوم، هزت تاجوراء أصوات الاشتباكات المسلحة بين كتيبتي رحبة الدروع بقيادة بشير خلف الله، الشهير باسم “بشير البقرة”، وكتيبة الشهيدة صبرية. هذه المواجهات لم تكن مجرد معركة عابرة، بل كانت انعكاسًا لصراع طويل الأمد حول السيطرة والنفوذ في منطقة تاجوراء، حيث تتشابك الأيادي المسلحة وتتقاطع المصالح.
خلفية الصراع: بدأت شرارة الاشتباكات الأخيرة بعد ما وصفته كتيبة رحبة الدروع بمحاولة اغتيال استهدفت رتل آمرها، بشير البقرة. هذا الحدث أجج المشاعر وأدى إلى تصعيد غير مسبوق، حيث شنت كتيبة رحبة الدروع هجومًا مكثفًا على مقار كتيبة الشهيدة صبرية. هذه الكتيبة، على الرغم من قلة عدد أفرادها مقارنة بكتيبة رحبة الدروع، إلا أنها أبدت مقاومة شرسة قبل أن تضطر إلى الانسحاب من مواقعها تحت ضغط الهجوم العنيف.
عناد وسيطرة: تاجوراء كانت ولا تزال مسرحًا لصراعات متعددة الأطراف، حيث تسعى الكتائب المسلحة للسيطرة على المنطقة، ليس فقط من أجل النفوذ العسكري ولكن أيضًا للحفاظ على ولائها السياسي. ومن المعروف أن كتائب تاجوراء، بما فيها كتيبة الشهيدة صبرية، تدين بالولاء للمفتي المعزول الصادق الغرياني بعد مقتل أحد قادتها البارزين، ساسي، في السنوات الماضية. هذا الولاء جعل من تاجوراء محورًا للصراعات الداخلية، حيث تتنافس الكتائب للسيطرة على المنطقة التي تعد بوابة استراتيجية لطرابلس.
حالة الترقب: حاليًا، تشهد تاجوراء هدوءًا حذرًا، فالمواجهات توقفت، لكن التوتر لا يزال قائمًا. سكان المنطقة يعيشون في حالة ترقب دائم، يخشون من أن تعود الاشتباكات في أي لحظة، خاصة وأن الوضع لم يُحسم بعد بشكل نهائي. الأخبار المتداولة عن تدخل محتمل من دار الإفتاء زادت من تعقيد الوضع، حيث نفت مصادر مقربة من المفتي الشيخ صادق الغرياني صحة هذه الأنباء، مؤكدة أن الفتوى لم تصدر أي تعليمات بشأن الوضع في تاجوراء.
مستقبل تاجوراء: يبقى السؤال الأكبر هو إلى متى سيستمر هذا الوضع المتوتر في تاجوراء؟ الكتائب المسلحة ليست على استعداد للتنازل عن مواقعها بسهولة، وكل طرف يرى في السيطرة على المنطقة مفتاحًا لقوته ونفوذه. وفي غياب حلول سياسية تُرضي جميع الأطراف، يبقى الصراع مفتوحًا على كل الاحتمالات، مما ينذر بمزيد من التوتر والعنف في الأيام المقبلة.
تاجوراء اليوم تشبه برميل بارود، قد ينفجر في أي لحظة إذا لم تجد الأطراف المتصارعة وسيلة للتفاوض وحل النزاعات بعيدًا عن لغة السلاح. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل هذه المنطقة الحيوية، فإما أن تهدأ الأمور وتعود الحياة إلى طبيعتها، أو أن ينزلق الجميع إلى دوامة جديدة من العنف والاقتتال.