في يومٍ الجمعة ارتفعت سحب الدخان في سماء تاجوراء، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين كتيبتي “رحبة الدروع” و”الشهيدة صبرية”. هذه المواجهات التي تسببت في مقتل 9 أشخاص وإصابة 16 آخرين، بينهم مدني، تجسد مرة أخرى مدى هشاشة الوضع الأمني في المدينة، التي شهدت في السابق أحداثًا مماثلة أودت بحياة العديد من المدنيين.
بداية التصعيد: تعود جذور هذه الاشتباكات إلى محاولة اغتيال استهدفت قائد كتيبة “رحبة الدروع”، بشير خلف الله، المعروف بلقب “بشير البقرة”. تعرض بشير لإصابة خطيرة عندما استهدفت مجموعة مسلحة تابعة لكتيبة “الشهيدة صبرية” رتله. وفي رد فعل فوري، شنّت كتيبته هجومًا مضادًا على مواقع “الشهيدة صبرية”، مستهدفة مقرها الرئيسي في منطقة الحميدية.
حصيلة دموية: خلال الساعات الأولى من الاشتباكات، تم تسجيل مقتل 9 أشخاص، بينهم عناصر من كلا الكتيبتين. جهاز الإسعاف والطوارئ أعلن عن انتشال جثث الضحايا، فيما ارتفعت حصيلة الجرحى إلى 16 شخصًا، بينهم طفل أصيب بشظية في ساقه. الحصيلة لا تزال أولية، مما يشير إلى احتمال ارتفاع أعداد القتلى والمصابين مع استمرار التوتر.
سيطرة وتوتر: كتيبة “رحبة الدروع” لم تكتفِ بالرد على الهجوم فحسب، بل تمكنت من السيطرة على مقر “الشهيدة صبرية” في الحميدية، وأسر 12 عنصرًا من أفراد الكتيبة المنافسة. هذه السيطرة جاءت في وقت حساس، حيث تنتشر حالة من الهلع بين السكان الذين يعيشون على وقع دوي المدافع والاشتباكات العنيفة. انتشار مقاطع الفيديو التي تظهر عناصر “رحبة الدروع” يعلنون سيطرتهم على مواقع “الشهيدة صبرية” أثارت المزيد من الخوف بين سكان المنطقة.
جهاز الإسعاف والطوارئ: من جانبه، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن حالة الطوارئ في المدينة، محذرًا المواطنين من ارتياد الطريق الساحلي إلا للضرورة القصوى. كما طلب الجهاز من الفروع القريبة التوجه فورًا لدعم الجهود المبذولة في إنقاذ الجرحى وانتشال الجثث. نشر الجهاز مقطع فيديو يوثق عمليات انتشال الضحايا، مما أعطى صورة أكثر وضوحًا لحجم الدمار والدماء التي شهدتها المنطقة خلال الساعات الماضية.
الوضع الراهن: رغم انتهاء الاشتباكات، إلا أن الوضع الأمني في تاجوراء لا يزال متوترًا، حيث يخشى الكثير من السكان من تجدد القتال في أي لحظة. مطالبات المواطنين بفتح ممرات آمنة للخروج من مناطق الاشتباكات تعكس حجم الرعب الذي يعيشونه، خاصة مع استمرار انتشار العناصر المسلحة في المنطقة. الوضع الحالي في تاجوراء يشير إلى أن السلام لا يزال بعيد المنال، وأن المدينة قد تكون على شفا جولة جديدة من العنف.
مستقبل غامض: لا شك أن الاشتباكات التي شهدتها تاجوراء يوم الجمعة تعيد للأذهان أحداثًا مماثلة وقعت في المدينة منتصف يوليو الماضي، والتي أسفرت أيضًا عن سقوط ضحايا بين المدنيين وتسببت في خسائر مادية كبيرة. ومع استمرار حالة التوتر وعدم وجود حل سياسي يلوح في الأفق، يبقى مستقبل تاجوراء معلقًا على خيط رفيع، حيث يخشى الكثيرون من أن تصبح المدينة ساحة حرب دائمة في الصراع الليبي المتفاقم.