في خضم الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بـ ليبيا، يظهر المصرف المركزي كآخر معاقل الاستقرار في الدولة، ولذا، كان من الطبيعي أن تصدر التحذيرات المتتالية من حراك 17 فبراير للإصلاح في مصراتة بشأن أي محاولة للمساس بهذا المعقل. فالاعتداء على المصرف المركزي، وفقًا لبيان الحراك، ليس مجرد اعتداء على مؤسسة مالية وحسب، بل هو تهديد مباشر لاستقرار الدولة ككل.
أكد حراك 17 فبراير أن محاولة الاعتداء على مصرف ليبيا المركزي لن تؤدي فقط إلى تقسيمه مجددًا، بل ستفتح الباب واسعًا أمام تكرار الانهيارات التي شهدتها ليبيا خلال السنوات الماضية. وأضاف الحراك أن خزائن الدولة، التي تعد المصدر الأساسي لضمان استمرارية الحكومة ودعم الاقتصاد الوطني، ستكون عرضة للنهب والتفريغ، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وإفراغ البلاد من مواردها الأساسية.
منذ تأسيسه، شكل مصرف ليبيا المركزي أحد أعمدة الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد. فهو الذي يضمن استقرار العملة، ويشرف على إدارة الاحتياطيات النقدية، ويمول الخدمات العامة، فضلًا عن دوره في تنسيق السياسة النقدية للدولة. ووفقًا لبيان الحراك، فإن المساس بالمصرف المركزي يعني فعليًا انهيار الدولة، إذ إنه سيؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات الحكومية ويهدد بتفاقم الفوضى السياسية والاقتصادية.
لم يكن تحذير الحراك من فراغ. فقد شهدت ليبيا في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في تدخل الحكومة في المؤسسات المالية والاقتصادية، مما أدى إلى تفشي الفساد وتراجع فعالية هذه المؤسسات. وأصبح المصرف المركزي الهدف الرئيسي لهذه التدخلات، خاصة مع ازدياد الضغوط السياسية على هذه المؤسسة الحيوية. وأشار بيان الحراك إلى أن حكومة الدبيبة، بدلًا من تحسين الوضع الاقتصادي وضمان الشفافية، استغلت المصرف المركزي لتحقيق مصالح ضيقة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية وزيادة الأعباء على المواطن الليبي.
أكد الحراك أن أي محاولة للمساس ب مصرف ليبيا المركزي ستُقابل بزخم شعبي عارم، يهدف إلى حماية مقدرات الدولة ومنع تدميرها. فالليبيون، الذين عانوا طويلاً من ويلات الحروب والصراعات، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تهديد جديد يُعرض مستقبلهم للخطر. ويضيف الحراك أن هذا الزخم الشعبي سيكون حاسمًا في صد أي محاولة للاعتداء على المصرف المركزي، مؤكدًا أن الليبيين لن يسمحوا بتكرار المآسي التي عاشوها في الماضي.
في ظل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها ليبيا، يبقى المصرف المركزي حجر الزاوية في استقرار الدولة. والمحاولات البائسة للاعتداء عليه لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات والفوضى. لذا، يجب على جميع الأطراف السياسية أن تعي خطورة هذه الخطوات وأن تتوقف فورًا عن أي محاولة للمساس بالمصرف، حفاظًا على مستقبل ليبيا وشعبها.