الأمم المتحدة تجدد دعوتها للحوار والتعاون في ليبيا وسط تصاعد التوترات السياسية والأمنية
عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بقيادة نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية ستيفاني خوري، اجتماعاً هاماً مع المجتمع الدبلوماسي المعتمد في ليبيا لمناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية. الاجتماع، الذي جرى يوم الأحد، ضم عدداً من السفراء ورؤساء البعثات والممثلين الدبلوماسيين، وتناول القضايا الحساسة والمستجدات التي تعصف بالبلاد في ظل التصاعد المستمر للتوترات.
في هذا السياق، شددت خوري على أهمية الوحدة بين الأطراف الليبية، مؤكدة على ضرورة وقف التصعيد الحالي الذي يهدد بجر البلاد نحو مزيد من الفوضى. وأوضحت أن الامتناع عن أي أعمال أحادية الجانب هو ضرورة ملحة للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يمثل أساساً هشاً ولكن ضرورياً للحفاظ على السلام في ليبيا. وفي هذا الإطار، دعت جميع الأطراف الليبية إلى الانخراط في حوار بناء يسهم في تحقيق الاستقرار والتقدم السياسي.
وأكدت خوري في كلمتها على التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بقيادة جهود منع الصراع وتيسير عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون أنفسهم، بهدف إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ظل حكومة توافقية موحدة. وأشارت إلى أن البعثة تعمل بشكل مكثف مع القادة الليبيين وأصحاب المصلحة لضمان وضع الأساس لهذه الخطوة الحاسمة، التي تعد الأمل الوحيد لكسر الجمود السياسي الذي يعرقل تقدم البلاد.
وتطرقت خوري إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي تشكل عقبة رئيسية أمام استقرار ليبيا. مشددة على أن معالجة هذه القضايا يتطلب تعاوناً دولياً منسقاً، وأشارت إلى أن البعثة تعمل على تبني مقاربة دولية شاملة لدعم مساعي البلاد لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار. واعتبرت أن هذا التعاون الدولي يجب أن يأخذ في الاعتبار سيادة ليبيا وسلامة أراضيها، مما يعزز من فرص نجاح العملية السياسية.
ناقش الاجتماع أيضاً عدداً من القضايا الهامة المتعلقة بحقوق الإنسان والوضع الإنساني في ليبيا. واستعرض فريق البعثة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في البلاد، بما في ذلك الاعتقالات والاحتجازات التعسفية التي تثير قلقاً بالغاً. كما تناول الاجتماع موضوع تآكل الفضاء المدني في ليبيا، الذي يعتبر تحدياً كبيراً أمام الجهود الرامية لتعزيز الحريات المدنية وحقوق الإنسان.
تطرقت المناقشات أيضاً إلى الانتخابات البلدية الجارية، والتي تعتبر خطوة هامة نحو تحقيق الديمقراطية على المستوى المحلي. ومع ذلك، تواجه هذه العملية تحديات كبيرة تتعلق بالتنظيم والأمن، مما يثير تساؤلات حول قدرتها على المساهمة في تحقيق الاستقرار العام. وفي هذا السياق، أكدت خوري على ضرورة توفير بيئة آمنة تتيح إجراء الانتخابات بحرية ونزاهة، ودون تدخلات خارجية.
تناولت المناقشات أيضاً التحديات التي تواجه المرأة الليبية في ظل الظروف الراهنة. وتم التركيز على دور المرأة في المجتمع الليبي وأهمية تمكينها من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية. وشددت البعثة على ضرورة تكثيف الجهود لدعم حقوق المرأة وحمايتها من التمييز والعنف، كجزء أساسي من العملية السياسية والإصلاحية.
فيما يتعلق بالجهود الإنسانية، تم استعراض الجهود المبذولة لمكافحة الألغام في مختلف مناطق ليبيا، وهي قضية حيوية لضمان سلامة المدنيين وإعادة بناء المناطق المتضررة. وتم التأكيد على ضرورة تكثيف هذه الجهود في ظل تزايد عدد الضحايا بسبب الألغام والمخلفات الحربية. كما تناولت المناقشات الوضع الإنساني العام في ليبيا، مع التركيز على توفير الدعم للنازحين والفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
في ختام الاجتماع، جددت بعثة الأمم المتحدة دعوتها لجميع الأطراف الليبية إلى العمل معاً من أجل مستقبل أفضل للبلاد. وأكدت أن تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا يتطلب جهداً مشتركاً من جميع الأطراف، مع ضرورة التعاون الدولي لتقديم الدعم اللازم لهذه العملية. وأعربت خوري عن أملها في أن يكون هذا الاجتماع خطوة نحو تعزيز الحوار والتعاون بين الليبيين، وبداية لتحقيق الاستقرار والازدهار الذي تتطلع إليه ليبيا.