في حديث صريح يكشف عن تعقيدات المشهد السياسي، صرّح جبريل أوحيدة، عضو مجلس النواب، بمواقف حازمة تعكس الواقع السياسي والاقتصادي المتأزم في البلاد. أوحيدة لم يتوانَ في الكشف عن الأسباب التي دفعت مجلس النواب إلى إلغاء تكليف محمد الشكري بمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، مشيراً إلى أن الشكري لم يتمكن من استلام مهامه على الرغم من مرور فترة طويلة منذ تكليفه. يقول أوحيدة “لقد عجز الشكري عن استلام مهامه، وكان لابد لنا من التحرك لضمان سير الأمور”.
فيما يتعلق بالصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي الحالي، قال أوحيدة في مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24”: “الصديق الكبير أصبح أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه، ويدعمه أطراف داخلية وخارجية بقوة. هذا الدعم يجعله في مركز قوة يصعب على أي جهة إزاحته”. وأكد أوحيدة أن مجلس النواب يتعامل مع الصديق الكبير كما يتعامل مع كل المؤسسات القائمة في ليبيا حالياً، رغم قناعته بأن الوضع الراهن غير مستدام.
وأشار أوحيدة إلى أن مجلس النواب اضطر للتعامل مع الصديق الكبير لضمان عدم تأثر الثروة الليبية، معترفاً بأن الاقتصاد الليبي يعاني من خلل عميق نتيجة اعتماده على نموذج الاقتصاد الريعي. وقال أوحيدة: “ليبيا مبنية على اقتصاد ريعي، ومن الأفضل حالياً أن تستفيد منه كل مناطق ليبيا بدلاً من تركيزه في جهة واحدة”.
أوضح أوحيدة أن مجلس النواب توصل إلى تفاهم مع مصرف ليبيا المركزي حول ضرورة تقسيم الثروة الليبية بشكل عادل بين جميع المناطق، وعلق قائلاً: “لا أدري لماذا يزعج هذا الأمر الطرف الآخر، فالهدف هو تحقيق العدالة وضمان الاستقرار”. ويشير أوحيدة هنا إلى أن هذا التقسيم هو الحل المؤقت في ظل الانقسام السياسي الحاد والأطراف المسلحة التي تسيطر على مناطق مختلفة من البلاد.
تحدث أوحيدة أيضاً عن الجهود المبذولة من قبل مجلس النواب للوصول إلى توافق مع مجلس الدولة، قائلاً: “منذ عام 2018، التزمنا بالتشاور مع مجلس الدولة وشكلنا عدة لجان مشتركة، لكننا فشلنا في التوافق على المناصب السيادية. لذلك، أغلقنا هذا الملف وركزنا على التوافق حول الانتخابات”. ويعتبر أوحيدة أن التوافق الأهم الذي تحقق مع مجلس الدولة هو التوافق على إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن هذا التوافق تم بشكل كامل.
وأشار أوحيدة إلى أن هناك أطرافاً داخلية وخارجية تعرقل قوانين الانتخابات، متخوفين من أن نتائج الانتخابات قد تأتي بمن لا يوافق هواهم. “هذه الأطراف تريد استمرار الوضع الراهن وإدارة الأزمة بدلاً من حلها”، يضيف أوحيدة. وهو يرى أن هذه القوى تعمل على إبقاء الأمور على حالها لتحقيق مصالحها الخاصة، وهو ما يشكل عائقاً أمام أي جهود للوصول إلى حل حقيقي للأزمة الليبية.
لا يتردد أوحيدة في انتقاد المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، قائلاً: “نحن نمارس في ليبيا الآن لعبة كسر العظم، وكل الأطراف تتبع سياسة اللي يلعبه اغلبه”. ويعتقد أوحيدة أن المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة يعملان على صرف الثروة الليبية دون حساب، تماماً كما فعل فايز السراج سابقاً.
وفي ختام حديثه، أكد أوحيدة أن مجلس النواب والقوات المسلحة يرفضان المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة رفضاً كاملاً، معتبراً أن أي قرار يصدر عنهما غير شرعي. يختم أوحيدة “من لا يعترف بقراراتنا، فليقم بإقالة الصديق الكبير وليخرجه من المشهد. لكن هل سيتحقق ذلك؟ أعتقد أنه لن يحدث”.