في خضم التصعيد المستمر الذي تشهده العاصمة الليبية طرابلس، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء التقارير الواردة التي تشير إلى حشد القوات في مناطق حساسة من المدينة، مرفقة بتهديدات مباشرة باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي. هذا الحشد العسكري، الذي يأتي في سياق الخلافات السياسية المتفاقمة، يثير مخاوف متزايدة بشأن سلامة المدنيين الذين يجدون أنفسهم مرة أخرى محاصرين بين أتون الصراعات الداخلية.
تدعو البعثة الأممية، في بيانها الصادر، كافة الأطراف المعنية إلى التحلي بالمسؤولية واللجوء إلى التهدئة كخطوة أولى نحو خفض التوتر المتصاعد. وتؤكد أن استخدام القوة لن يؤدي إلا إلى تعميق الانقسامات وتأجيج الأوضاع المتأزمة أصلاً في البلاد. فالطريق الوحيد لحل الأزمة، كما تشدد البعثة، يمر عبر بوابة الحوار والتفاوض بين الأطراف المختلفة، وليس من خلال استعراض القوة الذي يزيد من معاناة المواطنين ويهدد استقرار المناطق السكنية المكتظة.
في إطار جهودها المبذولة لاحتواء الوضع، تجري بعثة الأمم المتحدة اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف المتورطة، ساعية إلى التوصل إلى تسوية سلمية تضمن الحفاظ على سلامة المدنيين وتجنب الانزلاق نحو مواجهات دموية جديدة. وتصر البعثة على أن أي حل للأزمة يجب أن يكون سياسياً توافقياً يضع مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تعاني فيه ليبيا من جمود سياسي طال أمده، مما يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم ملموس نحو الاستقرار. وتعتبر البعثة الأممية أن استمرار هذا الجمود قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويزيد من تعقيد الوضع الراهن في البلاد. في هذا السياق، ترى الأمم المتحدة أن التحركات العسكرية الحالية لا تخدم سوى إطالة أمد الأزمة، مشددة على أن الحلول العسكرية لن تأتي إلا بمزيد من الفوضى والدمار.
بالرغم من التحديات الكبيرة، تظل الأمم المتحدة ملتزمة بدورها في دعم عملية السلام في ليبيا، مجددة دعوتها لجميع الأطراف للانخراط في حوار جاد وشامل ينهي حالة الاحتقان ويفتح الطريق أمام حل سياسي مستدام. وتؤكد أن الحلول التي تعتمد على القوة لن تؤدي إلا إلى المزيد من المعاناة والدمار، داعية إلى وضع حد لهذا السيناريو المأساوي الذي يتكرر باستمرار.
