ليبيا الان

رفض الشكري منصب محافظ المركزي يجدد الدعوات للحوار وتهدئة طرابلس

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في خطوة غير متوقعة، أعلن محمد الشكري، المعين من قبل المجلس الرئاسي كمحافظ لمصرف ليبيا المركزي، اعتذاره عن قبول التكليف بهذا المنصب، مرجعًا قراره إلى رغبته في الحفاظ على المؤسسة النقدية من الانجرار نحو ما وصفه بـ”العبث”. في تدوينة نشرها عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أكد الشكري أنه تلقى اتصالات كثيرة تهدف لتمكينه بطرق لا تتوافق مع مبادئه وعقيدته، مشيرًا إلى أن تاريخه المهني والوظيفي لا يسمح له بالمطلق أن يكون جزءًا من أي “لعبة” سياسية قد تجر البلاد نحو الفوضى.

يأتي هذا الاعتذار بعد ليلة طويلة ومتوترة في العاصمة طرابلس، حيث سادت أجواء من القلق والترقب بين المواطنين على خلفية تحشيدات عسكرية من عدة أطراف. تصاعد التوتر أدى إلى قيام شركات الطيران بإخلاء حوالي 12 طائرة من مطار معيتيقة وإرسالها إلى مطار مصراتة كإجراء احترازي، بينما دوت أصوات إطلاق النار في بعض معسكرات العاصمة في خطوة وصفها البعض بـ”تسخين الأسلحة”.

وسط هذه الأجواء، أصدرت البعثة الأممية في ليبيا، بالإضافة إلى السفارتين الأمريكية والبريطانية، بيانات تحذر من خطر التصعيد وتدعو إلى وقف فوري للعنف حول المصرف المركزي. أكدت هذه الجهات على ضرورة العودة إلى الحوار الجاد بين جميع المعنيين حول توزيع الثروة وإدارة الشؤون الاقتصادية، محذرة من أن أي محاولة لحل الأزمة بالقوة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على سلامة المؤسسات المالية الليبية ومكانة ليبيا في النظام المالي الدولي.

من جانب آخر، استمر الجدل الداخلي حول قضية المصرف المركزي ومصير المحافظ الجديد. علي اشتيوي، عضو لجنة التسليم والاستلام لمصرف ليبيا المركزي، صرح لقناة “ليبيا الأحرار” بأن التسليم النهائي بين المحافظ السابق الصديق الكبير والمحافظ المعين محمد الشكري كان من المقرر أن يتم في اليوم التالي، مؤكدًا أن جميع الأطراف أبدت حكمة في تجنب التصعيد. في المقابل، نفى المصرف المركزي عبر بيان رسمي صحة الأخبار المتداولة عن ترتيبات التسليم، مؤكدًا أن الإجراءات التي قام بها المجلس الرئاسي غير قانونية.

على الصعيد السياسي، أبدى مجلس النواب ترحيبًا بموقف الشكري، معتبرًا اعتذاره عن قبول المنصب خطوة نحو حماية الوطن من الفتنة. عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي، أكد على ضرورة الحوار لتحقيق التوافقات التي تساهم في إنقاذ الوطن، بينما أشار النائب صالح افحيمة إلى أن ما قام به الشكري يمثل انحيازًا للوطن ودرءًا للفتنة التي كادت أن تشتعل بسبب القرار.

المشهد الليبي لا يزال معقدًا ومليئًا بالتحديات، ولكن هناك بارقة أمل في أن تتجنب البلاد شبح الحرب مرة أخرى. في الوقت الذي تستمر فيه الأطراف الدولية والمحلية في الضغط من أجل الحوار والتوافق، تبرز أهمية تحقيق الاستقرار من خلال الحلول السلمية والتفاوضية. يؤكد الجميع، من الأمم المتحدة إلى البرلمان الليبي، على أن الطريق الوحيد لتجنب الكوارث السياسية والاقتصادية هو التعاون والتفاهم بين جميع الأطراف.

ففي تصريحات له، أثنى فتحي باشاغا، رئيس الحكومة السابق المكلف من البرلمان، على موقف الشكري الرافض للانجرار نحو العنف وداعمه للسلام والاستقرار، مشددًا على ضرورة الالتزام بنصوص الاتفاق السياسي ورفض سياسة فرض الأمر الواقع. كما دعا باشاغا إلى اتخاذ خطوات عملية لتوحيد المناصب السيادية، محذرًا من أن التصعيد العسكري سيؤدي إلى تهديد الاستقرار والسلم الأهلي.

الوضع الاقتصادي في ليبيا يظل هشًا ومتأثرًا بالصراعات السياسية والعسكرية. عبد المنعم العرفي، البرلماني الليبي، أشار إلى أن الأولوية في الوقت الراهن هي للجلوس على طاولة المفاوضات والعمل على تشكيل حكومة موحدة للإشراف على الانتخابات، مشددًا على أن محافظ المصرف المركزي الحالي الصديق الكبير سيستمر في منصبه حتى يتم التوافق على محافظ جديد.

في غضون ذلك، لا تزال الدعوات للحوار والتفاهم تتردد في كل المحافل. عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني، تحدث بصراحة عن تأثير القوى الأجنبية على الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن بريطانيا وأمريكا تتحكمان بخيوط اللعبة في البلاد، وأنه لن تكون هناك حرب في طرابلس بدون موافقة “العم سام”.

في الختام، يبقى السؤال: هل تستطيع ليبيا تجاوز أزمتها الحالية من خلال الحوار والتفاهم، أم أن شبح الحرب لا يزال يلوح في الأفق؟ الإجابة ليست سهلة في ظل التوترات الحالية، ولكن ما يبعث على التفاؤل هو وجود قوى داخلية وخارجية تدفع باتجاه الحل السلمي والتفاوضي، مما يعكس رغبة جماعية في تجنب المزيد من الصراعات والانقسامات. ربما تكون خطوة الشكري برفضه لمنصب محافظ المصرف المركزي نقطة تحول نحو مرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك لبناء ليبيا مستقرة ومزدهرة.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24