في ظل أجواء مشحونة بالتوتر والترقب، أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، عن تشكيل لجنة عليا للترتيبات الأمنية. هذا الإعلان جاء في وقت حرج تتصاعد فيه التهديدات بين التشكيلات المسلحة المتواجدة في العاصمة طرابلس، ما يثير المخاوف من تجدد الصراع واندلاع المواجهات المسلحة.
علي التكبالي، عضو مجلس النواب، وعضو لجنة الأمن القومي، علق على هذا الإعلان بتحذيرات واضحة ومباشرة. حيث أكد أن “الحرب لا تزال تلوح بوجهها في العاصمة طرابلس، ولا تزال المليشيات متأهبة للقتال”. هذا التصريح يعكس حجم التوتر الذي يسيطر على المشهد الليبي ويكشف عن حقيقة أن الصراع لم ينته بعد، وأن العاصمة لا تزال تعيش على وقع الحرب.
التكبالي أوضح في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن “هناك تهديدا ووعيدا بين التشكيلات المسلحة داخل العاصمة”، ما يشير إلى أن الأوضاع الأمنية في طرابلس لا تزال هشة ومعقدة، وأن الصراعات الداخلية بين المليشيات المسلحة قد تتفاقم في أي لحظة. ويبدو أن التصريحات الأخيرة التي أطلقها قائد تشكيل الردع تعكس هذه الحقيقة. حيث أشار التكبالي إلى أن “قائد تشكيل الردع يقول إنه سوف يخرج من طرابلس إذا خرجت باقي التشكيلات”، مما يعكس حالة من الشكوك وانعدام الثقة بين الأطراف المختلفة.
ولكن التكبالي شدد على أنه “لن يكون هناك خروج للتشكيلات المسلحة من العاصمة طرابلس، لا قوة الردع ولا غيرها”. هذه التصريحات تعكس واقعاً معقداً في طرابلس، حيث يسيطر عدد من التشكيلات المسلحة على أجزاء كبيرة من المدينة، وتستخدم قوتها العسكرية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
التكبالي يرى أن “محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، لا يزال على موقفه، والدبيبة لا يزال على موقفه”، ما يشير إلى وجود خلافات حادة بين الأطراف الرئيسية في السلطة. ويبدو أن المصرف المركزي أصبح نقطة الصراع الأساسية، حيث يسعى كل طرف للسيطرة عليه لضمان استمراريته في السلطة.
الدبيبة، الذي يتطلع للحفاظ على منصبه في ظل هذه الظروف المعقدة، يرى أن “إذا خسر المصرف المركزي لن يبقى رئيسا للحكومة”. هذا التصريح يوضح أن الدبيبة يعتبر المصرف المركزي بمثابة القلب النابض للسلطة، وأنه يستخدم كافة الوسائل الممكنة للحفاظ عليه، بما في ذلك “حشد التشكيلات المسلحة التابعة له لكي يخيف الآخرين”، حسب ما قال التكبالي.
هذا الصراع على النفوذ المالي يعكس واقعاً مريراً في ليبيا، حيث تستخدم التشكيلات المسلحة كأدوات للسيطرة والتأثير على مؤسسات الدولة، ما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية ويهدد استقرار البلاد.
الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، لا يزال ثابتاً على موقفه، ويبدو أنه يمثل عقبة أمام مساعي الدبيبة للحفاظ على منصبه. فالصراع بين الرجلين يعكس حالة من التنافر بين مراكز القوى المختلفة في ليبيا، حيث يسعى كل طرف لتعزيز موقفه وإضعاف الآخر.
التكبالي يرى أن هذا الصراع قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام والفوضى في البلاد، خاصة إذا استمر الطرفان في التمسك بمواقفهما المتصلبة. وفي ظل هذه الظروف، تبقى طرابلس رهينة لتوازنات القوى المتغيرة والتحالفات المتقلبة بين التشكيلات المسلحة.
مع تصاعد حدة التوترات في طرابلس واستمرار الصراع على المصرف المركزي، تبدو الأوضاع في ليبيا مفتوحة على كافة الاحتمالات. فبينما يسعى الدبيبة للحفاظ على منصبه بأي ثمن، تتأهب التشكيلات المسلحة للمزيد من المواجهات. ومن الواضح أن الحلول السياسية لا تزال بعيدة، وأن الخيار العسكري قد يكون هو الأرجح في نهاية المطاف.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستتمكن الأطراف المتصارعة في ليبيا من الوصول إلى تسوية تنقذ البلاد من شبح الحرب، أم أن طرابلس ستبقى مسرحاً للصراعات المسلحة والتنازع على السلطة والنفوذ؟
الأيام القادمة ستحمل الإجابة، وما زالت ليبيا تنتظر الحلول التي قد تخرجها من هذا النفق المظلم.