ليبيا الان

الصراع على مصرف ليبيا المركزي .. بين الشرعية السياسية والسيادة المالية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تتفاقم الأزمة السياسية والمالية في ليبيا مع استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية المتناحرة حول السيطرة على مصرف ليبيا المركزي، الذي يُعدّ أحد أهم مؤسسات الدولة السيادية. في يوم الأحد الأخير، دخلت لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي إلى مقر المصرف المركزي في طرابلس، وهو تطور خطير يعكس تزايد حدة التوتر بين السلطات المختلفة.

تبدأ القصة عندما تمكنت لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي من دخول مقر مصرف ليبيا المركزي، وسط تصاعد التوترات السياسية والأمنية. كانت اللجنة تسعى لتنفيذ قرارات المجلس الرئاسي القاضية بتغيير إدارة المصرف، وهي خطوة رفضها محافظ المصرف المكلف من مجلس النواب، الصديق الكبير، بشكل قاطع. رد الصديق الكبير بسرعة، بتقديم بلاغ إلى النائب العام يتهم فيه اللجنة بالاقتحام غير القانوني للمصرف، مشيراً إلى أن هذا الاقتحام يشكل “تهديداً خطيراً لأهم مؤسسة مالية في البلاد”، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الصعيدين المحلي والدولي.

أكد الصديق الكبير في بيانه أن المصرف المركزي هو مؤسسة سيادية تتبع السلطة التشريعية، وفقاً للقانون رقم 1 لعام 2005 وتعديلاته. ويعتبر الكبير أن قرارات المجلس الرئاسي في هذا السياق غير قانونية وصادرة “عن غير ذي اختصاص”. هذا الموقف جاء ليؤكد على أهمية الحفاظ على استقلالية المصرف المركزي وضرورة عدم الزج به في الصراعات السياسية المستمرة في البلاد.

من جانبه، أعلن المجلس الأعلى للدولة، الذي يملك صلاحية تعيين المناصب السيادية بالاشتراك مع مجلس النواب، رفضه القاطع لتصرفات المجلس الرئاسي. ودعا المجلس المجتمع الدولي والجهات المحلية لعدم الاعتراف بالإدارة الجديدة للمصرف باعتبارها “غير شرعية ومغتصبة للسلطة”. كما أكد المجلس أنه سيتخذ “إجراءات قانونية للحفاظ على حقوقنا طبقاً للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري”.

في الوقت ذاته، شهدت العاصمة طرابلس تحشيدات عسكرية كبيرة، مما زاد من حدة التوتر الأمني. وأظهرت فيديوهات نشرت على منصات التواصل الاجتماعي عضو لجنة التسلم والتسليم، علي الشتيوي، وهو يحاول دخول المصرف وسط إجراءات أمنية مشددة. هذا التحرك أثار مخاوف من تصعيد الأوضاع الأمنية، خاصة في ظل التحشيدات العسكرية الكبيرة في محيط المصرف المركزي.

لم يكن الموقف الدولي بعيداً عن هذه الأحداث المتسارعة. فقد أصدرت البعثة الأممية في ليبيا بياناً تعرب فيه عن قلقها بشأن التقارير حول تحشيد القوات في العاصمة طرابلس، محذرة من “التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي”. ودعت البعثة جميع الأطراف إلى الحوار والتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة، مشددة على أن “هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلاً مقبولاً أو عملياً للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده”.

تكشف هذه الأحداث عن عمق الخلافات السياسية في ليبيا، والتي أصبحت تؤثر بشكل مباشر على المؤسسات السيادية في البلاد. إن الصراع على المصرف المركزي ليس مجرد نزاع إداري، بل هو تعبير عن الصراع على السلطة والنفوذ بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، في ظل غياب توافق سياسي شامل.

وفي خطوة تصعيدية جديدة، لوح رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بإغلاق الحقول النفطية لمنع تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي في حال استمرار المجلس الرئاسي في تنفيذ قراراته بتغيير إدارة المصرف. هذا التهديد يُظهر مدى تأثير الأزمة على الاقتصاد الليبي الهش، الذي يعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية، ويعكس التوترات المتزايدة بين المؤسسات السياسية في البلاد.

يبدو أن الأزمة الحالية حول المصرف المركزي قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي في ليبيا. فمع استمرار الخلافات بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، وتزايد التدخلات الدولية، تبقى الحلول الممكنة لحل هذه الأزمة غير واضحة. إن استمرار التوترات الحالية قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، مما قد يهدد استقرار البلاد على المدى الطويل.

في النهاية، تظل الدعوات الدولية للحوار والتوافق هي الأمل الوحيد لتجنب تصعيد الصراع والوصول إلى حل يضمن استقرار المؤسسات السيادية ويحمي الاقتصاد الليبي من الانهيار. يبقى السؤال: هل ستستجيب الأطراف المتناحرة لهذه الدعوات أم أن ليبيا ستدخل مرحلة جديدة من الصراع على السلطة؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24