اللجنة العسكرية المشتركة “5+5”: مساعٍ مضنية لوقف النار والتصالح وسط تحديات متفاقمة
في وسط الصراع الدائر على أرض ليبيا، تسعى اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” جاهدةً لرأب الصدع بين الأطراف المتنازعة وتحقيق السلام. فمنذ تأسيسها، كان هدفها الأساسي هو ضمان وقف إطلاق النار المستدام وجمع الفرقاء على طاولة الحوار، بيد أن الطريق نحو ذلك يبدو محفوفًا بالتحديات والمصاعب.
اجتمع أعضاء اللجنة العسكرية في مدينة سرت، تحت إشراف نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، التي أكدت عبر منصة “إكس” على الأهمية الحاسمة لدور اللجنة في دعم جهود وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار في ليبيا. خوري أشارت إلى أن “التطورات والتحديات الأمنية” كانت محور النقاشات، مسلطةً الضوء على ضرورة تكاتف الجهود المحلية والدولية لتحقيق السلام.
الانقسامات الداخلية: تحدٍ رئيسي أمام اللجنة
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل اللجنة، يرى المحلل السياسي محمد امطيريد أن قدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة تظل محدودة بسبب نفوذ التشكيلات المسلحة، خاصة في المنطقة الغربية من البلاد. يقول امطيريد: “اللجنة العسكرية المشتركة لن تستطيع تحقيق أهدافها عندما يكون صوت التشكيلات المسلحة أعلى من صوت الجيش”، مشيرًا إلى أن أعضاء اللجنة من المنطقة الغربية لا يملكون القدرة على مواجهة التشكيلات المسلحة المتغلغلة في غرب ليبيا.
التشكيلات المسلحة: اللاعب الأقوى في المعادلة الليبية
التشكيلات المسلحة في ليبيا تمثل حجر الزاوية في تعقيد الأزمة الليبية. وفقًا لـ امطيريد، فإن سيطرة هذه التشكيلات على مفاصل الدولة في العاصمة طرابلس وغيرها من المناطق تُعقد من مهمة اللجنة العسكرية. يضيف: “اللجنة لن تُفضي إلى تفتيت هذه التشكيلات المسلحة أو دمجها في المؤسسة العسكرية”، متوقعًا استمرار الفشل إذا لم يحدث تغيير جذري وشامل في السياسات الأمنية.
وفي هذا السياق، يرى امطيريد أن اللجنة المشتركة “لن تنجح إلا إذا حدث تغيير كامل وشامل، وبإرادة الضباط العسكريين من غرب ليبيا، بتحالفهم مع قيادة الجيش الوطني الليبي، حتى يتم تفتيت هذه المجموعات”. ويعتبر أن “اللجنة ستظل تدور في حلقة مفرغة ما لم يحدث هذا التغيير”.
الدعم الدولي للتشكيلات المسلحة: زعزعة الاستقرار في غرب البلاد
من جانب آخر، يلقي امطيريد الضوء على البعد الدولي للأزمة، حيث يشير إلى أن التشكيلات المسلحة في ليبيا قد بدأت في تلقي الدعم من قوى دولية، ما يزيد من تعقيد المشهد. وفقًا لتصريحاته، “التشكيلات بدأت في تلقي الدعم من المجتمع الدولي، الذي بدأ في دعمها عن طريق شراكات من خلال وزارة الدفاع الأمريكية والفيلق الليبي الأوروبي”، مؤكدًا أن هذا الدعم يشكل تهديدًا واضحًا للاستقرار في البلاد.
مستقبل اللجنة العسكرية: أمل في التغيير أم طريق مسدود؟
أمام هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم هو: هل تستطيع اللجنة العسكرية “5+5” تجاوز العقبات وتحقيق الأهداف المنشودة؟ يرى الكثيرون أن اللجنة بحاجة إلى استراتيجية جديدة ونهج أكثر حسمًا لمواجهة القوى المعرقلة. وفي ظل استمرار التوترات في العاصمة طرابلس وبقية المناطق، فإن تحقيق السلام في ليبيا يظل هدفًا بعيد المنال، ما لم تتضافر الجهود المحلية والدولية بشكل أكثر فاعلية.
ليبيا على مفترق طرق
تظل ليبيا اليوم في مفترق طرق، فإما أن تحقق اللجنة العسكرية “5+5” تقدمًا ملموسًا في ملف وقف إطلاق النار والمصالحة الوطنية، أو أن يستمر الصراع والانقسام كما هو عليه الحال. الأمل معقود على قدرة الليبيين، قيادةً وشعبًا، على تجاوز هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد، والتحرك نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.