ليبيا الان

مأساة في المتوسط.. غرق مركب يقل مهاجرين قبالة طبرق

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب البحر الأبيض المتوسط، حيث تتحول المياه الهادئة في لحظات إلى مسرح للمآسي الإنسانية، شهدت منطقة باب الزيتون شرقي طبرق كارثة جديدة تضاف إلى سلسلة طويلة من حوادث غرق المهاجرين. كان ذلك اليوم مختلفًا، حيث بدأت القصة بمركب صغير يتهادى على الأمواج، حاملاً في جوفه آمال وأحلام 32 مهاجراً، معظمهم من السوريين والمصريين، يطمعون في حياة جديدة على الضفة الأخرى من المتوسط. ولكن في تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر، كان البحر يحمل في جعبته فصولاً من الألم والموت.

المركب تعطل وانشطر: تسرب المياه أدى للغرق المأساوي.

المركب، الذي لم يكن سوى خشبة خلاص يائسة لهؤلاء المهاجرين، تعرض لعطل مفاجئ في محركه وهو في عرض البحر. لم يكن هذا العطل مجرد عثرة في الطريق، بل كان بداية النهاية؛ شقوق في بدن المركب بدأت تتسع، تسربت المياه من خلالها بسرعة، وأصبحت رحلة البحث عن الأمان في أوروبا، رحلة إلى قاع البحر.

في تلك اللحظات، لم يكن هناك مجال للتفكير أو التخطيط. قلوب المهاجرين كانت تخفق بسرعة، وأصواتهم تعلو بالدعاء والصراخ، ولكن البحر كان أكبر من كل تلك الأصوات. المركب بدأ يغرق ببطء، وتحول من ملجأ إلى فخ قاتل. في تلك الأثناء، كان الناجون يصارعون من أجل البقاء، يسبحون في الماء البارد، يحاولون التمسك بأي شيء يمكن أن ينقذ حياتهم.

32 مهاجراً بين الحياة والموت: عمليات البحث عن الجثامين مستمرة.

أسريوه صالح، المدير التنفيذي لمؤسسة “العابرين” لمساعدة المهاجرين والخدمات الإنسانية، كان يتابع التطورات بقلق بالغ. من مكتبه في طبرق، كان يتلقى الاتصالات المتتالية عن غرق المركب، وكانت أنباء النجاة قليلة ومحدودة. بعد ساعات من البحث المتواصل، تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال 9 ناجين، كانوا جميعهم في حالة من الإنهاك والإصابات المتفاوتة. بعضهم كان مصابًا بكسور، وآخرون بجروح بليغة. تم نقلهم على الفور إلى المستشفى الرئيسي في طبرق، حيث تلقوا الرعاية الطبية اللازمة.

ولكن بالنسبة لبقية الركاب، كان البحر قد حسم مصيرهم. لم يكن هناك سوى جثمان واحد عثر عليه من بين 23 شخصًا لقوا حتفهم في هذا الحادث المأساوي. ما زالت فرق البحث تعمل بلا كلل، تبحث عن جثث الباقين، ولكن الأمل يتضاءل مع مرور الوقت.

“العابرين” ترعى الناجين: نقل المصابين إلى المستشفى الرئيسي بطبرق.

وعن تلك اللحظات القاسية، قال صالح في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”: “كان المركب يحمل أرواحًا تبحث عن حياة أفضل، ولكنها وجدت الموت في عرض البحر. نحن نقوم الآن بكل ما نستطيع لمساعدة الناجين، ولكن الألم لا يزال يعصر قلوبنا”. وأضاف بأن “العابرين” تقوم بتقديم جميع الاحتياجات الضرورية للناجين من المأساة، وأنه يتم حالياً رعاية المصابين بشكل كامل.

هذا الحادث يعيد تسليط الضوء على الأزمة المتفاقمة للهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، حيث لا تزال مئات الأرواح تزهق سنوياً في محاولات يائسة للوصول إلى أوروبا. ورغم التحذيرات والمخاطر المعروفة، يظل البحر المتوسط ممراً رئيسياً للمهاجرين الذين يفرون من الحروب والفقر والاضطهاد في بلدانهم الأصلية. ومع استمرار هذا النزيف البشري، تتعالى الأصوات المطالبة بحلول جذرية تضع حداً لهذه المآسي، ولكن الواقع يظهر أن الطريق ما زال طويلاً.

في النهاية، تظل قصص المهاجرين محملة بالأمل والألم، وتظل أمواج البحر المتوسط شاهدة على أحلام كثيرة تحطمت على صخور الواقع القاسي. يبقى الناجون يحاولون لملمة شتات حياتهم، بينما تظل عائلات المفقودين تعيش في دوامة من الحزن والانتظار.

مع هذا الحدث، تبرز الحاجة إلى المزيد من الجهود الدولية والإقليمية لمعالجة جذور المشكلة، وليس فقط التعامل مع نتائجها. فالمهاجرون الذين يخاطرون بحياتهم في عرض البحر لا يفعلون ذلك إلا بدافع اليأس والحاجة. وما لم يتم التصدي للأسباب الحقيقية التي تدفعهم إلى الهجرة، ستستمر هذه الحوادث في التكرار، وسيظل البحر المتوسط مقبرة مفتوحة لأحلامهم.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24