في خطوة خطيرة تهدد النظام المصرفي الليبي، صرح الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، في مقابلة مع وكالة رويترز، بأن اقتحام وحدة المعلومات المالية في العاصمة طرابلس يضع سرية البيانات الحساسة في خطر، مما يؤثر بشكل مباشر على العلاقة مع البنوك الدولية وشبكة المراسلين المصرفية. هذا الحدث المقلق جاء في سياق أزمات متتالية تعصف بليبيا، وسط اضطرابات سياسية واقتصادية تجعل البلاد أكثر عرضة لمثل هذه الانتهاكات.
وحدة المعلومات المالية في طرابلس تعد من الأركان الأساسية في النظام المصرفي الليبي، حيث تجمع المعلومات المتعلقة بالتحويلات المالية ومراقبة النشاطات المشبوهة. اقتحامها يعرض ليس فقط سرية البيانات للخطر، بل يهدد أيضاً التعاون مع المؤسسات الدولية، التي تعتمد على هذا النوع من المعلومات لحماية النظام المالي من عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. الكبير عبر عن قلقه الشديد من هذه الخطوة التي قد تضع ليبيا في مواجهة عزلة مالية دولية، خاصة في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية.
من أهم النقاط التي ركز عليها الصديق الكبير في تصريحه هو أن سرية البيانات المالية تعد العمود الفقري للعلاقات المصرفية الدولية. أي اختراق لهذه السرية قد يؤدي إلى تعليق أو تقليص التعاون بين البنوك الليبية ونظيراتها الدولية، مما قد يفاقم من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها ليبيا. البنوك الدولية تعتمد بشكل كبير على شبكة معلومات مالية محكمة، وأي خلل في هذه الشبكة قد يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات الليبية، مما قد ينعكس سلباً على الاستثمارات والتحويلات المالية.
تهديد السرية المصرفية ليس بالأمر البسيط. إنه بمثابة هزة قوية للنظام المالي الليبي الذي يعاني أصلاً من مشاكل هيكلية. في ظل هذه الظروف، تحتاج ليبيا إلى إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي، وهو ما يصبح أكثر صعوبة مع كل حادثة جديدة تهدد استقرار هذا النظام. الكبير أكد أن هذه التداعيات قد تكون كارثية إذا لم يتم احتواء الوضع بسرعة.
في مقابلته مع رويترز، أشار الكبير إلى أن موقفه لا ينبع من تمسك شخصي بالمنصب، بل من حرصه على تطبيق التشريعات التي تم التوافق عليها من جميع الأطراف السياسية الليبية. هذا الاتفاق السياسي، بحسب الكبير، هو الأساس الذي يمكن أن يعيد الاستقرار إلى البلاد، ويؤدي إلى إعادة بناء المؤسسات بما في ذلك المصرف المركزي ووحدة المعلومات المالية.
الكبير أكد أن النزاعات السياسية الداخلية والصراعات على السلطة هي ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية في البلاد. بقاء ليبيا ضمن النظام المالي الدولي يتطلب احترام الاتفاقات السياسية والتشريعات التي تنظم عمل المؤسسات، محذراً من أن تجاهل هذه الاتفاقات قد يؤدي إلى انهيار الثقة المتبقية بين ليبيا والمجتمع الدولي.
الوضع الراهن يمثل أزمة جديدة في سلسلة الأزمات التي تواجه القطاع المصرفي في ليبيا. من انهيار العملة الوطنية إلى التضخم المستمر، بات النظام المالي في البلاد يواجه ضغوطاً غير مسبوقة. الاقتحام الأخير لوحدة المعلومات المالية هو أحد أشكال هذه الأزمات التي تعكس الفوضى السياسية والأمنية.
الأزمة الحالية تأتي في وقت حرج، حيث تكافح ليبيا لاستعادة الاستقرار بعد سنوات من الصراع الداخلي. وبالرغم من الجهود المبذولة لإصلاح القطاع المالي، إلا أن الأوضاع المتدهورة على المستوى الأمني والسياسي تعرقل أي تقدم ملموس. كبار المسؤولين في المصرف المركزي يدركون أن هذه الأزمة ليست مجرد تحدي أمني، بل تهديد مباشر لاستقرار النظام المالي برمته. الصديق الكبير شدد على أن المستقبل المالي للبلاد يعتمد على تعاون كافة الأطراف، وإعادة بناء الثقة في المؤسسات، وإعادة تفعيل التشريعات المتفق عليها.