ليبيا الان

كارثة سبها.. سيول وفيضانات تغمر مركز سبها الطبي وتضرره.

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

سبها، المدينة الجنوبية التي لطالما عانت من قسوة الظروف المناخية وتحدياتها، واجهت مؤخرًا كارثة طبيعية تمثلت في ارتفاع منسوب المياه بسبب الأمطار الغزيرة التي اجتاحت المنطقة. في لحظة لا يمكن التنبؤ بها، تحولت الشوارع والأحياء إلى مسابح واسعة، والمياه العارمة بدأت تغمر كل شيء في طريقها، بما في ذلك مركز سبها الطبي الذي وجد نفسه وسط هذا الطوفان.

مع بدء تدفق المياه، استقبل مركز سبها الطبي جثمان شاب تُوفي إثر صعقة كهربائية بعد سقوط الأمطار على منزله في محلة المنشية. لم يكن هذا الحادث المأساوي الوحيد، إذ شهد المستشفى تدفقًا من المصابين الذين بلغ عددهم 15 شخصًا بإصابات متفاوتة بين الكسور والجروح المتوسطة والبسيطة. الأطباء والطاقم الطبي كانوا في حالة استنفار، يحاولون بجهود مضنية معالجة الحالات وسط ظروف لا تُحسد عليها. مع تدفق المياه إلى داخل المستشفى، أصبح الوضع كارثيًا، إذ اضطرت فرق الإنقاذ والجيش إلى التدخل لمحاولة تخفيف الأضرار وإجلاء المواطنين العالقين.

لم تكن الفيضانات مقتصرة على مركز سبها الطبي وحده، بل امتدت لتغمر العديد من المنازل والأحياء المجاورة، مما استدعى تدخل الجيش الليبي بقوة. في مشهد يذكر بالكوارث الطبيعية العالمية، انتشرت القوات في مختلف المناطق لتقديم يد العون للمواطنين العالقين، ومساعدة فرق الإسعاف والطوارئ في إجلاء المتضررين. كان العمل مشتركًا بين الجيش وأجهزة الطوارئ، ولكن التحديات كانت كبيرة، خاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الأحياء بسبب الأمطار.

على الرغم من الجهود المبذولة، كانت التحذيرات المحلية تدق ناقوس الخطر حول أخطار أخرى تلوح في الأفق. مناطق مثل طريق أم الأرانب وغدوة أصبحت مهددة بالسيول، حيث دعت السلطات المواطنين إلى الحذر الشديد، والابتعاد عن مجاري الأودية والطرق المتضررة. هذه التحذيرات لم تكن فقط للسلامة العامة، بل كانت محاولة لتجنب وقوع المزيد من الخسائر البشرية والمادية، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

في ظل هذا المشهد الكارثي، حثت السلطات الليبية المواطنين على ضرورة الالتزام بتعليمات الطوارئ والإنقاذ. بعد الفيضانات التي ضربت غات ومناطق أخرى في الجنوب الغربي خلال الأسابيع الماضية، كانت الأوضاع تزداد سوءًا مع استمرار هطول الأمطار. المركز الوطني للأرصاد الجوية كان قد أصدر تحذيرات متكررة حول إمكانية حدوث سيول في مناطق الشمال والجنوب الغربي، مشيرًا إلى أن التغيرات المناخية الحالية قد تتسبب في كوارث أكبر إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة.

من الناحية العلمية، يرى الخبراء، أن التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة قد تكون العامل الأساسي وراء هذه الكوارث. ارتفاع درجات حرارة البحر المتوسط بشكل غير مسبوق أدى إلى تكاثف كميات هائلة من الأبخرة، مما أدى إلى تكون السحب الممطرة بشكل مكثف. هذا التغير المناخي، إلى جانب التعديات على الغطاء النباتي وتجريف الغابات في مختلف أنحاء البلاد، أدى إلى تدهور الحالة البيئية بشكل عام، وزيادة تعرض المناطق الجنوبية لفيضانات متكررة.

الأمر لا يتوقف عند الفيضانات وحدها، فالتغيرات المناخية التي تعصف بليبيا تُنذر بأزمات بيئية أخرى، من بينها شح المياه الجوفية. مع تزايد الاعتماد على الخزانات الجوفية في الجنوب لتزويد الشمال بالمياه، بدأ منسوب المياه الجوفية بالتراجع، مما خلق تحديات إضافية للسلطات وللمجتمعات المحلية التي تعيش في تلك المناطق. ويضيف الزحاف أن مثل هذه التحديات البيئية تتطلب استراتيجيات طويلة المدى لمعالجتها، وليس فقط حلولًا مؤقتة للتعامل مع الكوارث عند حدوثها.

في إطار مواجهة الكارثة، يرى العديد من الخبراء أن البنية التحتية الحالية ليست مؤهلة بشكل كافٍ لتحمل مثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة. سدود المياه القديمة التي لم تعد قادرة على تحمل كميات الأمطار المتزايدة أصبحت تهديدًا مباشرًا. فكارثة درنة، التي شهدتها البلاد في العام الماضي، كانت نتيجة لفشل السدود في تحمل الضغط الهائل الناتج عن تراكم المياه، وهذا ما يجب أن يتم تجنبه في المستقبل.

إن مواجهة هذه الكوارث تتطلب تعاونًا من جميع الجهات المعنية. تنظيف مجاري الأودية وإعادة بناء السدود هي بعض الخطوات التي يجب أن تُنفذ على الفور للحد من تكرار هذه الأزمات. علاوة على ذلك، يجب أن تكون هناك جهود دولية ومحلية لتطوير سياسات بيئية مستدامة تأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية. في النهاية، ما يحدث في سبها ليس مجرد كارثة طبيعية، بل هو جرس إنذار للحكومة الليبية والشعب بأهمية الاستعداد للمستقبل.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24