ليبيا الان

إسماعيل: أزمة المصرف المركزي تهدد الاقتصاد المتدهور

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

على وقع الأزمات المتلاحقة التي تشهدها ليبيا منذ أعوام، برزت مؤخرًا أزمة مصرف ليبيا المركزي كمحور نقاشات وجدل واسع في الأوساط السياسية والاقتصادية. الأزمة التي بلغت ذروتها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع المعاناة اليومية للمواطن الليبي، أصبحت تهدد بانهيار أوسع للاقتصاد الليبي.

السنوسي إسماعيل، المتحدث السابق باسم مجلس الدولة، يسلط الضوء على هذه الأزمة بكلمات تعبر عن حجم التحدي، مؤكداً أن “الأوضاع الاقتصادية في ليبيا ستزداد قسوة بسبب توقف أغلب المعاملات الخارجية”. هذه المعاملات التي توقفت بشكل شبه كامل مع أكثر من 30 مؤسسة دولية كبرى، باتت عقبة هائلة في وجه الاقتصاد الليبي الذي يعتمد بشكل كبير على موارده الطبيعية والتصدير الخارجي، لا سيما في ظل الحصار الدولي والتوترات السياسية الداخلية.

يرى إسماعيل في مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24″ أن الأزمة لم تتشكل بسبب شخص واحد مثل الصديق الكبير، رئيس المصرف المركزي، بل هي أزمة نابعة من صيرورة النظام الاقتصادي والمصرفي بأكمله. الصديق الكبير كان محوراً لبعض القرارات الأحادية التي اتخذها المجلس الرئاسي، وهي قرارات عكست حالة التشرذم والتشتت السياسي الذي تعانيه البلاد. لكن الأزمة في جوهرها تتعلق بكيفية إدارة المؤسسات الاقتصادية الكبرى في ظل انقسام سياسي عميق.

من الواضح أن هذه المعاملات الخارجية المتوقفة ترتبت على الصراعات السياسية والاقتصادية المتواصلة، ما أدى إلى شلل اقتصادي داخلي وتراجع القدرة الشرائية للمواطن الليبي. إسماعيل يرى أن “حل الأزمة لن يأتي عبر توافق بين حفتر والدبيبة كما يردد البعض، لأن الأمر يتجاوز فكرة المصالحة السياسية بين شخصيات سياسية إلى ضرورة إصلاح جوهري في المؤسسات”.

وفي ظل تعقد المشهد الداخلي، يشير إسماعيل إلى أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا عبر ضغوط خارجية. فالأزمة تجاوزت حدود النقاش الداخلي، حيث أن المؤسسات المالية العالمية والكبريات أصبحت تعتبر ليبيا منطقة غير مستقرة، وبالتالي تتطلب ضغوطًا دولية لمعالجة هذا الوضع. ويضيف: “الأزمة الليبية ليست أزمة فرد أو قرار أحادي، بل أزمة تتعلق بشكل أساسي بطريقة إدارة الاقتصاد والسياسات المالية”.

إسماعيل يؤكد أن الحل لن يأتي عن طريق أي توافق عسكري، بل يجب أن يكون سياسياً يستند إلى الاتفاقيات السياسية التي أسست لوجود مجلس النواب والدولة كممثلين شرعيين للسلطة. حيث أن هذه المجالس، وإن كانت لا تزال تواجه تحديات كبيرة، تمثل الهيئات الوحيدة القادرة على تفعيل الحل السياسي والوصول إلى انتخابات تضمن شرعية مؤسسات الدولة.

في الجانب الآخر من الأزمة، تأتي أزمة النفط كجزء لا يتجزأ من الأوضاع الاقتصادية الراهنة. إغلاق النفط لم يكن فقط نتيجة لتراجع الأسعار العالمية، بل هو نتيجة مباشرة للأزمة السياسية والمصرفية في البلاد. إسماعيل يوضح أن “إبعاد الصديق الكبير من المصرف بقرارات المجلس الرئاسي كانت سبباً في تفاقم هذه الأزمة، مما أدى إلى توقف إيرادات النفط التي تعد المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد”.

وفيما يتعلق بالحلول الممكنة، يعتقد إسماعيل أن “الحوار السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة”، مشيرًا إلى أن الحلول العسكرية لن تؤدي إلا إلى مزيد من التأزم والانقسام. الحل يجب أن يتم عبر تفعيل دور مجلسي النواب والدولة، وهما المؤسستان الشرعيتان الوحيدتان اللتان يمكنهما توفير غطاء سياسي لأي اتفاق مستقبلي. لكن هذا الحل لن يكون ممكناً دون ضغوط من القوى الخارجية والدولية التي تمتلك تأثيراً كبيراً على هذه المجالس.

ويضيف أن “الوصول إلى الانتخابات وإصلاح المؤسسات الاقتصادية لن يتم عبر طرف عسكري أو قوة مسلحة، بل عبر مسار سياسي واضح ومستدام”. الحلول التي ترتكز على المصالح المشتركة والاتفاقيات الدولية قد تكون السبيل الأمثل لتجاوز هذه الأزمة الخانقة.

على الرغم من حجم التحديات التي تواجه ليبيا في المرحلة الراهنة، هناك بعض المؤشرات التي قد توحي بإمكانية تحقيق انفراجة سياسية واقتصادية. الحوار السياسي المستند إلى الاتفاقيات الدولية والضغط الخارجي قد يكون بداية لحل الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، ولكن هذا لا يمكن أن يتم دون وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف المتنازعة.

إسماعيل يختتم حديثه بتحذير واضح: “الأزمة ستستمر إذا لم يتم وضع حلول جذرية، والأوضاع الاقتصادية لن تتحسن ما لم يتم تفعيل الحوار السياسي وتجاوز الحسابات الشخصية”. فالأزمة المصرفية هي جزء من معضلة أكبر تتعلق بالصراعات الداخلية وغياب الاستقرار السياسي، وهي أزمة تتطلب حلولاً طويلة الأمد وليس حلولاً مؤقتة.

يبقى السؤال: هل ستتمكن ليبيا من تجاوز هذه المرحلة الصعبة؟ وهل ستنجح الأطراف السياسية في تفعيل الحوار وإيجاد حل سياسي يتجاوز الخلافات العسكرية؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت ليبيا قادرة على الخروج من هذا النفق المظلم

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24