ليبيا الان

الفيضانات المدمرة تطيح بالبنية التحتية في ليبيا وتفاقم المعاناة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تعاني ليبيا من تحديات بيئية متعددة، من بينها السيول والفيضانات التي أصبحت ظاهرة متكررة في العديد من المناطق، مما يثير المخاوف بين السكان، خصوصاً في طرابلس والمناطق الجنوبية. هذه المخاوف تأتي بالتزامن مع الذكرى الكارثية لانهيار سدي درنة، مما يجعل الحديث عن احتمالية تكرار مثل تلك الكوارث أمرًا محوريًا في النقاش العام.

الأمطار السنوية الغزيرة التي تضرب المناطق الشمالية والجنوبية تزيد من الضغط على السدود القديمة التي لم تعد قادرة على مواجهة تلك الكميات الهائلة من المياه. ويخشى الخبراء من أن انهيار أي من هذه السدود قد يؤدي إلى كوارث إنسانية وبيئية واسعة النطاق، لا سيما وأن الحكومة الليبية تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة للتعامل مع تلك الكوارث الطبيعية.

السدود القديمة في ليبيا كانت مصممة لتواجه معدلات أقل من المياه مما نشهده اليوم. في ظل تغيرات المناخ وزيادة حدة الفيضانات، لم يتم تحديث تلك البنية التحتية لتتماشى مع المستويات الجديدة من الأمطار. في طرابلس، تعالت الأصوات مطالبة بضرورة إجراء فحوصات دورية على السدود وتحديثها بشكل عاجل.

في السنوات الأخيرة، لم تحظَ السدود في ليبيا بالصيانة الكافية، مما يعرضها لخطر الانهيار. وتشير التقارير إلى أن بعض هذه السدود قد تجاوز عمرها الافتراضي، وهي بحاجة إلى تدخل فوري. مع ذلك، يظل ضعف التمويل الحكومي والمعاناة من الانقسامات السياسية أحد الأسباب الرئيسية وراء تأخر هذه الإصلاحات.

جنوب ليبيا شهد تدهورًا متزايدًا في الأسابيع الأخيرة، حيث أغرقت السيول مناطق غات وتهالة والبركت. السيول المتدفقة من الأودية المجاورة أدت إلى قطع الطرق الرابطة بين المدن الرئيسية، مما جعل الحياة اليومية للسكان أكثر صعوبة. ورغم تكرار السيول، فإن الحلول الحكومية ما زالت غائبة، تاركة المواطنين يواجهون مصيرهم بأنفسهم.

السكان في المناطق المتضررة أكدوا أن المياه غمرت منازلهم وأتلفت ممتلكاتهم، فيما أصبح الوصول إلى الطرق الرئيسية شبه مستحيل. في محلة المنصورة، غرب وادي الشاطئ، تسببت السيول في وفاة شاب واحد، بالإضافة إلى انهيار بعض المنازل والأسوار، ما جعل الوضع أكثر تعقيدًا.

سبها، المدينة الجنوبية الرئيسية، باتت على حافة الهاوية بعد أن أدت السيول إلى انهيار أكثر من 1000 منزل، وتضرر 3000 منزل آخر. السكان يعانون من شلل تام في مرافقهم الأساسية، حيث تعطل مطار سبها الدولي، وانقطعت الكهرباء عن أجزاء كبيرة من المدينة، بينما باتت الشوارع عبارة عن مستنقعات عميقة.

رغم وصول بعض المساعدات من المنظمات الدولية، إلا أن الاحتياجات الفعلية أكبر بكثير مما تم توفيره. السيول لم تقتصر على الأضرار المادية فقط، بل أصبحت تهدد صحة السكان، حيث باتت مياه الأمطار تتدفق مختلطة بمياه الصرف الصحي، مما يعزز انتشار الأمراض المعدية.

بينما ينتظر المتضررون من السيول في سبها وغرب وادي الشاطئ دعم الحكومة والجهات المعنية، فإن الاستجابة لا تزال ضعيفة. بعض المسؤولين زاروا المناطق المتضررة وتفقدوا الأضرار، لكن السكان يعبرون عن خيبة أملهم في غياب تدخل عاجل لإغاثتهم.

في بيان صادر عن أعيان وأهالي محلة المنصورة، أشاروا إلى تضرر منازلهم بشكل كبير، وغياب التدخل العاجل لتنظيف الطرق وفتح مسارات جديدة. طالب السكان بتوفير معدات ثقيلة، مثل الجرارات والشاحنات، لتنظيف الطرق المغلقة جراء السيول، ولكن تلك الطلبات لم تلقَ استجابة حتى الآن.

مطار سبها الدولي تعرض لأضرار جسيمة، مما أدى إلى توقف العمل فيه لمدة ثلاثة أيام على الأقل. المدير المسؤول عن المطار، طاهر البوسيفي، أكد أن الضرر طال مبنى الركاب وشبكة الكهرباء، وأن تشغيل المطار قد يقتصر فقط على حالات الطوارئ في الفترة المقبلة.

هذا التوقف يمثل ضربة قاسية لسكان سبها، الذين يعتمدون على المطار كوسيلة رئيسية للوصول إلى طرابلس والمدن الأخرى، في ظل انقطاع الطرق الرئيسية. وقد يزيد من معاناة السكان الذين هم بالفعل محاصرون بين السيول والأزمات اللوجستية.

البنية التحتية في سبها، كما هو الحال في العديد من المدن الليبية، تعاني من تدهور كبير، وهذا ما أكدته تصريحات الناطق باسم شركة المياه والصرف الصحي، محمد كريم. شبكة تصريف مياه الأمطار غير مكتملة، وهذا ما ساهم في تفاقم أزمة السيول. الكهرباء أيضًا كانت عاملاً معيقًا، حيث اضطر الفنيون لاستخدام مولدات كهرباء لتشغيل مضخات شفط المياه، بعد أن انقطعت الكهرباء عن المدينة.

جهود التصدي للأزمة كانت مستمرة، إذ تم تجهيز قافلة ثانية محملة بمضخات شفط المياه والمواد التشغيلية الخاصة بها، لإرسالها إلى سبها، في محاولة للتخفيف من الأضرار.

الوضع في سبها يعد نموذجًا مصغرًا للمشكلات التي تعاني منها ليبيا بأسرها، حيث تضافرت الأزمات الاقتصادية والسياسية لتترك البلاد غير مهيأة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. الفيضانات والسيول التي تتكرر في كل عام تترك وراءها دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وتزيد من معاناة المواطنين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة الطبيعة القاسية بدون دعم حقيقي.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24