ليبيا الان

أزمة مصرف ليبيا المركزي.. تضليل مالي وصراع سياسي متفاقم

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

التضليل المالي والمصروفات المرتفعة: أزمة المصرف المركزي

أزمة مصرف ليبيا المركزي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، حيث أشعلت تصريحات محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير جدلاً واسعًا حول طبيعة التقرير المالي الصادر عن المحافظ المكلف من قبل المجلس الرئاسي. وفقًا للكبير، شهدت مصروفات باب المرتبات زيادة بمقدار مليار دينار ليبي، رغم أن مرتبات شهر أغسطس لم تكن مدرجة في التقرير. هذه الإشارة ليست إلا جزءًا من سلسلة اتهامات متبادلة بين المصرف المركزي والمجلس الرئاسي حول كيفية إدارة أموال الدولة والالتزامات المالية.

يُضيف الكبير أن التقرير الصادر قد نسب لمجلس إدارة لا يمتلك النصاب القانوني، إذ انسحب معظم أعضائه، مما يثير تساؤلات حول شرعية هذه القرارات. كما أشار إلى محاولات لتضليل الرأي العام من خلال إخفاء الالتزامات القائمة من جدول استخدامات النقد الأجنبي. تلك الالتزامات، بحسب الكبير، ليست إلا ديونًا يتعين على المصرف سدادها في تواريخ محددة.

اللجنة التسييرية المؤقتة: سيناريو محتمل لحل الأزمة

من جهة أخرى، تشير أمينة محجوب، عضو المجلس الأعلى للدولة، إلى أن السيناريو المتوقع في حالة عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف الليبية بشأن أزمة المصرف المركزي هو تشكيل لجنة تسيرية مؤقتة بموافقة مجلسي الدولة والنواب. هذه الخطوة، وإن كانت تبدو منطقية في ظل الفوضى المالية القائمة، إلا أنها قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي الليبي الذي يعاني أصلاً من انقسامات عميقة.

تُضيف محجوب أن الأمم المتحدة، بدور البعثة الأممية، قد أصبحت في موقف الحكم داخل ليبيا، مما يزيد من التوترات بين الأطراف المتنازعة. بينما يُشير البعض إلى أن المستشارة الأممية السابقة، ستيفاني خوري، ساهمت في تعقيد الأمور، يأتي باتيلي، الرئيس الحالي للبعثة، كمحاولة للتقريب بين وجهات النظر، ولكن دون تقديم حلول عملية.

التعاملات الخارجية موقوفة والاقتصاد الليبي على حافة الانهيار

المُتحدث السابق باسم مجلس الدولة الاستشاري، السنوسي إسماعيل، يلفت الانتباه إلى أن الأزمة الاقتصادية قد بلغت ذروتها، خاصة مع توقف المعاملات الخارجية مع أكثر من 30 مؤسسة دولية كبرى. يرى إسماعيل أن الحل لن يأتي من توافق بين شخصيات سياسية، بل إن الحل الوحيد يكمن في تفعيل الأجسام السياسية التي تمثل الأطراف المتنازعة، وهي مجلس النواب ومجلس الدولة.

في هذا السياق، يُشير إسماعيل إلى أن أزمة المصرف المركزي ليست مرتبطة بشخص بعينه، مثل الصديق الكبير، بل هي نتاج لسياسات طويلة الأمد ومتشابكة تعيق سير العمل المصرفي والاقتصادي. ومع ذلك، يرى أن حل الأزمة يتطلب ضغطًا خارجيًا لمعالجة القرارات الأحادية التي اتخذها المجلس الرئاسي، ويُضيف أن الأزمة الاقتصادية في ليبيا هي في جوهرها أزمة سياسية.

التدخل الأممي: هل يفتح باب تشكيل حكومة جديدة؟

أسعد زهيو، رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، يؤكد أن أزمة المصرف المركزي قد تكون فرصة لإطلاق حوار سياسي جديد، يهدف إلى تشكيل حكومة بديلة لكل من حكومتي الدبيبة وحماد. هذا السيناريو، رغم أنه يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة، إلا أنه يتطلب تفعيل دور البعثة الأممية، خاصة في ظل استمرار الانقسامات بين مجلسي النواب والدولة.

يُضيف زهيو أن عدم توافق المجلسين حول المصرف المركزي ليس بالأمر الجديد، حيث كانت هذه الانقسامات جزءًا من المشهد السياسي الليبي منذ سنوات. ومع ذلك، يرى زهيو أن الأزمة المصرفية لن تسفر عن توترات شعبية كبيرة، بفضل حرص الإدارة الجديدة للمصرف على صرف الرواتب في موعدها، وهو ما يعتبر إجراءً يخفف من حدة الأزمة على المواطن العادي.

المخاطر الاقتصادية وتحديات المستقبل: هل هناك حلول؟

الخبير الاقتصادي نور الدين حبارات يُحذّر من أن بيان المجلس الرئاسي بشأن عجز النقد الأجنبي، ورغم صحته من الناحية المحاسبية، إلا أنه يُعتبر خطأ اقتصاديًا. ويرى حبارات أن البيان سيُشجع الحكومة على التوسع في الإنفاق العام، مما سيزيد من عرض النقود، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي. هذا بدوره سيُسهم في رفع سعر الدولار وزيادة معدلات التضخم، في ظل تقلب أسعار النفط في الأسواق العالمية.

الخبير أحمد الخميسي يرى أن الأزمة المصرفية مرتبطة بتوازنات سياسية معقدة، وهي أبعد بكثير من كونها مسألة اقتصادية بحتة. وفي ظل هذا الصراع المتواصل، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن استعادة الثقة في المؤسسات المالية وسط هذا المشهد المضطرب؟ بينما يُحذّر الخميسي من أن الأزمة لن تجد طريقها إلى الحل في المستقبل القريب، ويؤكد أن الوضع يتدهور بغرض تحقيق مكاسب سياسية.

النفط والغذاء: أزمة مصيرية تُهدد الاستقرار

الخبير القانوني الدولي، راقي المسماري، يُشير إلى أن الأزمة الحالية قد تمتد إلى تهديدات أوسع تشمل الغذاء والدواء. يُضيف المسماري أن التواصل بين المصرف المركزي والمؤسسات المالية الدولية قد قُطع، بسبب البحث عن إدارة شرعية للتعامل معها. هذه الأزمة قد تتفاقم لتصل إلى مستوى يهدد بتدخل دولي من أجل تأمين الغذاء مقابل النفط.

ويُضيف المسماري أن ما حدث للمصرف المركزي هو نتيجة لعبث سياسي لم يكن متوقعًا، وقد وصلت الأمور إلى حد من السوء لا يمكن معه العودة إلى مصرف نزيه ومستقل عن التدخلات السياسية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24