ليبيا الان

نورلاند: الخلافات تعرقل الإصلاحات وتُهدد استقرار ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

 

عبّر المبعوث الأمريكي إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، عن قلقه العميق إزاء الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه ليبيا في ظل الخلافات المتفاقمة بين الأطراف الليبية. يصف نورلاند هذه الخلافات بـ”المؤسفة”، مشددًا على ضرورة اتخاذ حلول سريعة لاحتواء الأزمة الحالية وإعادة البلاد إلى مسار الاستقرار.

وأوضح نورلاند في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن الأزمة التي تتعرض لها ليبيا ليست جديدة، وإنما هي نتيجة لتراكم سنوات من عدم الاستقرار والصراع على الموارد، موضحًا أن الحلول السطحية أو المؤقتة لن تجدي نفعًا في معالجة هذه التحديات المعقدة.

وأشار المبعوث الأمريكي بشكل خاص إلى الخطوة الأخيرة التي اتخذها المجلس الرئاسي الليبي بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير. واعتبر هذه الخطوة بأنها “أحادية” ومليئة بالمخاطر، لأنها أطلقت موجة من التساؤلات حول مصداقية المؤسسات المالية الليبية، لا سيما مصرف ليبيا المركزي، الذي يعاني منذ فترة طويلة من الانقسام والضعف في إدارته.

إقالة الصديق الكبير جاءت في وقت حساس تعيشه البلاد، حيث تتزايد التوترات السياسية والاقتصادية. فقد أثارت هذه الخطوة العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة المصرف في المستقبل، وما إذا كان يمكنه استعادة الثقة التي يحتاجها للتعامل مع المؤسسات المالية الدولية.

أشار نورلاند أيضًا إلى عملية مداهمة قامت بها أجهزة المخابرات الليبية مؤخراً لبعض مكاتب المصرف المركزي، حيث تمت مصادرة وثائق وملفات. هذا الحدث أثار موجة جديدة من المخاوف حول نزاهة المصرف وجهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البلاد.

وقال نورلاند: “الولايات المتحدة ترى أن هذه الخطوة تشير إلى تعمق الشكوك في قدرة المصرف على مكافحة الجرائم المالية. هناك ضرورة ملحة لاستعادة الثقة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال قيادة موحدة تتمتع بالمصداقية.”

يرى المبعوث الأمريكي أن الحل يكمن في الإسراع بتشكيل قيادة مصرفية جديدة تحظى بإجماع الأطراف الليبية كافة. وأوضح أن الليبيين بحاجة إلى “تحركات سريعة” لاستعادة الثقة في قيادة المصرف، مؤكدًا أن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى “حلقة مفرغة” لا يمكن الخروج منها بسهولة.

ودعا نورلاند إلى ضرورة جمع كل الأطراف السياسية في ليبيا على طاولة المفاوضات، حيث يمكنهم التوصل إلى حلول وسط تُرضي الجميع. وأكد أن الحلول المؤقتة والقرارات الأحادية لن تسهم في تحقيق الاستقرار المطلوب.

أشاد نورلاند بالدور الذي تلعبه مصر والمغرب في جمع الأطراف الليبية على طاولة المفاوضات. وأشار إلى أن مصر لعبت دورًا هامًا في تنظيم لجنة “6+6″، التي كانت تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات دستورية بين الأطراف المتنازعة.

كما لفت إلى أن المغرب أيضًا كان له دور مشابه في تسهيل الحوار بين الفرقاء الليبيين، مشيرًا إلى أنه تم إحراز تقدم ملحوظ في هذه المسارات، لكن هذا التقدم يظل هشًا في غياب الحلول الجذرية التي تستند إلى توافق داخلي ليبي.

من بين القضايا الأكثر إلحاحًا التي تناولها نورلاند هي مسألة وجود القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا. فمنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، والذي دعا إلى رحيل جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب خلال 90 يومًا، لم يحدث أي تقدم يُذكر في هذا الملف، باستثناء بعض التحركات المحدودة التي شملت مجموعات صغيرة من المرتزقة الأفارقة.

ويرى نورلاند أن هذا التأخير يعيق جهود تحقيق الاستقرار في ليبيا، مؤكدًا أن “الليبيين يريدون استعادة سيادتهم أكثر من أي وقت مضى”. وأضاف أن الدول التي أرسلت هذه القوات إلى ليبيا تتحمل المسؤولية الكبرى في تنفيذ عملية سحبها.

وفيما يتعلق بالجنوب الليبي، عبّر المبعوث الأمريكي عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الأمنية في تلك المنطقة، التي وصفها بأنها “مهمشة” بشكل كبير. وأكد نورلاند أن الولايات المتحدة تولي اهتمامًا خاصًا لتأمين الحدود الجنوبية لليبيا، خاصة في ظل تصاعد التوترات في منطقة الساحل الإفريقي.

وأشار إلى أن القوات الليبية بحاجة إلى تنسيق جهودها الأمنية لمواجهة التهديدات المشتركة، مؤكداً أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة في هذا المجال، سواء من خلال التدريب أو تبادل المعلومات الاستخباراتية.

على صعيد آخر، تطرق نورلاند إلى الجهود التي كانت تبذلها الأمم المتحدة في محاولة لحل الأزمة الليبية قبل استقالة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، عبد الله باتيلي. وأكد أن استقالة باتيلي تركت فراغًا دبلوماسيًا كبيرًا، لكن الولايات المتحدة تأمل أن يدفع الجمود الحالي الأطراف الليبية إلى التفكير بجدية في ما يمكن القيام به لحل القضايا السياسية العالقة.

وأضاف نورلاند أن هناك فرصًا جديدة للولايات المتحدة للتدخل بشكل أكثر فاعلية في الملف الليبي، خاصة في ضوء المناقشات التي ستجري في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

في ختام حديثه، تطرق نورلاند إلى قضية سيادة القانون في ليبيا، مشيرًا إلى تزايد عمليات التصفية الجسدية لقادة التشكيلات المسلحة. وأشار إلى مقتل شخصيات مثل “البيدجا”، ومحاولات اغتيال شخصيات أخرى مثل “بشير خلف الله” و”معمر الضاوي”، معتبرًا أن هذا النوع من الجرائم يعزز مناخ الإفلات من العقاب.

واعتبر نورلاند أن استعادة سيادة القانون في ليبيا أمر أساسي لتحقيق الاستقرار، مشيدًا بجهود النائب العام الليبي الصديق الصور في هذا المجال، داعيًا إلى تكثيف الدعم الدولي لجهوده.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24