في تعليقه على قرار مجلس النواب بإنهاء حكومة الدبيبة منتهية الولاية، أكد السنوسي إسماعيل، المتحدث السابق باسم مجلس الدولة، أن الحل الوحيد للأزمة السياسية الليبية الحالية يكمن في صفقة سياسية تجمع الأطراف المتنازعة وتعيد توحيد مؤسسات الدولة. مشيرًا إلى أن ليبيا، بعد مرور سنوات من الانقسام، وصلت إلى مرحلة تستوجب تحركًا سياسيًا مدروسًا يضمن تشكيل حكومة جديدة موحدة تستطيع إدارة البلاد بشكل فعال.
تعود جذور الأزمة إلى التنافس بين حكومتين؛ حكومة الدبيبة منتهية الولاية في طرابلس والحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد المكلفة من البرلمان والمتمركزة في بنغازي. بحسب السنوسي، كلتا الحكومتين تستندان إلى شرعية متباينة. فبينما يعتمد حماد على شرعية البرلمان والجيش الليبي في الشرق، يستند الدبيبة إلى الشرعية الدولية الممنوحة له من ملتقى الحوار السياسي في جنيف، والتي تم تدعيمها بقرارات مجلس الأمن.
يظهر هذا الانقسام بوضوح في تباين السياسات بين الطرفين. فبينما يسعى البرلمان إلى فرض حكومة جديدة عبر مناطق الشرق الليبي، يظل الدبيبة محتفظًا بدعمه من مجلس الدولة والتشكيلات المسلحة في طرابلس، مما يجعل ليبيا ساحة معقدة للصراعات السياسية والعسكرية التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار البلاد.
نتج عن هذا الصراع الحاد تداعيات كارثية على الاقتصاد الليبي، حيث أدى القرار الأحادي الصادر من حكومة حماد المدعومة من البرلمان إلى إيقاف إنتاج وتصدير النفط. يمثل النفط العمود الفقري للاقتصاد الليبي، ومن دون تصدير النفط، تصبح ليبيا عرضة لانهيار اقتصادي شامل.
وقد أفاد السنوسي إسماعيل بأن الأزمة الحالية لا تقتصر فقط على الخلاف السياسي، بل إن الأضرار الاقتصادية تهدد استمرارية عمل المؤسسات المالية، وعلى رأسها المصرف المركزي، الذي توقف عن التعامل مع المؤسسات المالية الدولية، مما زاد من تفاقم الأزمة.
وسط هذا المشهد المعقد، تسعى البعثة الأممية في ليبيا إلى لعب دور الوسيط لجمع الأطراف المتنازعة. هدف هذه الجهود هو ضمان استمرار عمل المصرف المركزي وإعادة تدفق النفط كجزء من خطة إنقاذ الاقتصاد الليبي المتعثر. فبدون وجود اتفاق سياسي يعيد توحيد المؤسسات المالية وإعادة فتح حقول النفط، تظل ليبيا مهددة بانهيار اقتصادي وشيك.
يؤكد السنوسي أن الحلول المطروحة حتى الآن لم تتجاوز مرحلة المفاوضات الأولية، وأنه بدون تدخل دولي حاسم أو صفقة سياسية محلية، ستظل ليبيا محاصرة في دوامة من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي.
تظل ليبيا أمام عدة تحديات على المدى القريب، أبرزها هو إعادة توحيد الدولة وتحقيق الاستقرار السياسي. فبدون وجود حكومة موحدة قادرة على العمل بفعالية في جميع أنحاء البلاد، فإن ليبيا مهددة بانهيار اقتصادي واجتماعي. علاوة على ذلك، يمثل استمرار انقسام المؤسسات الرئيسية، مثل المصرف المركزي، تحديًا كبيرًا أمام أي جهود لإنقاذ الاقتصاد الليبي.
يؤكد السنوسي إسماعيل أن الحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في الصفقة السياسية التي طال انتظارها، وهي صفقة يجب أن تشمل جميع الأطراف وتحقق توازنًا سياسيًا يضمن استقرار البلاد.
يشير السنوسي إلى أن المجتمع الدولي يلعب دورًا مزدوجًا في الأزمة الليبية. فمن جهة، تقدم الأمم المتحدة دعمًا لجهود التوصل إلى تسوية سياسية، ومن جهة أخرى، تؤثر التدخلات الأجنبية في تعقيد المشهد السياسي، حيث تدعم بعض القوى الدولية أطرافًا معينة على حساب الأخرى. هذا التدخل الدولي أدى إلى تضييق فرص الحل السياسي وزيادة التوترات بين الحكومات المتنازعة.
في النهاية، يتفق الخبراء على أن أي حل للصراع الليبي يجب أن يتضمن توافقًا بين الأطراف المحلية مع دعم دولي متوازن. هذا التوافق يجب أن يكون مبنيًا على قاعدة واحدة وهي مصلحة ليبيا وشعبها، وليس مصلحة الأطراف الخارجية أو الطموحات السياسية الداخلية.
فليبيا تقف اليوم على مفترق طرق، وإذا استمرت الأزمة دون حلول جذرية، فإن البلاد ستكون عرضة لانفجار اقتصادي واجتماعي قد يكون من الصعب تجاوزه.