انتخاب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي: خطوة حاسمة أم تأجيل للصراع؟
في مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24″، قدم زياد دغيم، عضو مجلس النواب المُقال وسفير ليبيا في هولندا، ومستشار المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية والانتخابات، قراءة معمقة حول الأزمة المستمرة في مصرف ليبيا المركزي، وكيف أثرت التصريحات السياسية على السوق المالية، مؤكداً أن انتخاب محافظ جديد للبنك المركزي قد يحدث في الأسبوع الأول من أكتوبر.
تأثير تصريحات عقيلة صالح على سعر الصرف
أبرز ما تطرق إليه دغيم كان الدور الذي لعبته تصريحات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في زعزعة استقرار السوق الموازية للدولار. بحسب دغيم، فقد تسببت تصريحات صالح، التي تنبأ فيها بوصول الدولار إلى عشرة دينارات، في موجة ارتباك كبيرة بين المتعاملين في السوق، ما أدى إلى ارتفاع سريع لسعر الصرف.
يقول دغيم: “عقيلة صالح تحول بشكل مفاجئ إلى محلل اقتصادي، ولم يدرك أن مجرد إشارته إلى رقم مثل 10 دينارات قد تؤدي إلى تداعيات كبيرة في السوق الموازية.” هذه التداعيات لم تقتصر فقط على السوق، بل انتقلت إلى المستوى السياسي، حيث اتُهم صالح بمحاولة التأثير على قرارات المجلس الرئاسي من خلال الضغط الاقتصادي.
استئناف الحوار حول أزمة المركزي
أضاف دغيم أن الأزمة المالية الحالية لا تتعلق فقط بسعر صرف الدولار أو سياسات البنك المركزي، بل هي جزء من معركة سياسية أكبر تقودها أطراف داخل مجلس النواب، وعلى رأسهم عقيلة صالح. ومع ذلك، أشار إلى أن المشاورات بين ممثلي مجلس النواب ومجلس الدولة تسير في اتجاه إيجابي، وأنه تم الاتفاق على موعد لانتخاب المحافظ الجديد، والذي يُتوقع أن يكون في الأسبوع الأول من أكتوبر.
ورغم التوترات السياسية المستمرة، يؤكد دغيم أن ممثلي المجلسين أظهروا حسًا من المسؤولية، وأن الحوار بينهما مستمر بشأن المعايير والضوابط المتعلقة بانتخاب المحافظ الجديد. ويُتوقع أن تستأنف جولات الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة نهاية الأسبوع الحالي، في محاولة لحسم هذه القضية التي طال أمدها.
دور الأمم المتحدة: حلقة حوار في نيويورك
من جانب آخر، تعمل بعثة الأمم المتحدة على استغلال اللقاءات التي يجريها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ووفقًا لما ذكره دغيم، فإن هذه اللقاءات تشكل فرصة جديدة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة، والتوصل إلى حل نهائي للأزمة.
الأمم المتحدة، التي لعبت دورًا رئيسيًا في تنظيم جولات الحوار السابقة، تحاول الاستفادة من هذه اللحظة الدبلوماسية لتحقيق تقدم ملموس، وخاصة في ظل التوترات الداخلية التي تتزايد يومًا بعد يوم، سواء على مستوى سوق العملات أو في المشهد السياسي.
عمل البنك المركزي في ظل الأزمة
ورغم كل هذه التوترات، يؤكد دغيم أن المصرف المركزي لا يزال يعمل بكفاءة. يقول دغيم: “العمليات المصرفية اليومية تجري بشكل طبيعي، بما في ذلك تحويلات السفارات وفتح الاعتمادات.” ولكن أشار أيضًا إلى أن هناك بعض القيودات التي تؤثر على أداء البنك المركزي، مثل تأخر مؤسسة النفط في تحويل الدولارات إلى حساب البنك المركزي، مما يخلق تأخيرات في تنفيذ بعض الإجراءات.
لكن بغض النظر عن هذه التحديات، يظل البنك المركزي قادرًا على تسيير أموره بشكل طبيعي. يرى دغيم أن المحافظ الحالي الصديق الكبير يقوم بما في وسعه للدفاع عن نفسه ومنصبه في ظل الضغط السياسي المتزايد.
التحديات المقبلة: الصراع السياسي وتأثيره على الاقتصاد
من الواضح أن الأزمة الحالية لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الأكبر. فالصراع بين القوى المختلفة في البلاد، وخاصة بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي، لا يزال يلقي بظلاله على الاقتصاد. ويبدو أن عقيلة صالح، الذي يتهمه دغيم بمحاولة التأثير على القرار السياسي من خلال الضغط الاقتصادي، يسعى لتعزيز موقعه عبر زعزعة استقرار سوق العملات.
ولكن بحسب دغيم، فإن الأزمة “حُسمت” في جانبها السياسي، وأن الحوار مستمر للوصول إلى حل للأزمة المصرفية. إلا أن الأوضاع لا تزال غير مستقرة، والتوترات قد تستمر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في الأسابيع المقبلة.
هل ينتظر الليبيون حلًا قريبًا؟
مع اقتراب موعد انتخاب محافظ جديد للبنك المركزي، يبقى السؤال الأكبر هو: هل سينجح هذا الانتخاب في حل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد؟ أم أن الصراع السياسي سيستمر في تعطيل مؤسسات الدولة، ويزيد من معاناة المواطن الليبي؟
زياد دغيم، الذي كان دائمًا في صدارة الحوار حول القضايا المصرفية والمالية في ليبيا، يرى أن هناك فرصًا حقيقية للتوصل إلى حل، لكن النجاح يتطلب التزامًا جديًا من جميع الأطراف. وفيما تستمر الأمم المتحدة في جهودها، يبقى الأمل معلقًا على قدرة الأطراف الليبية على التفاهم وتجاوز خلافاتهم.