في حديث متلفز تابعته “أخبار ليبيا 24″، أشار المحلل السياسي عز الدين عقيل إلى أن تصريحات زياد دغيم مستشار رئيس المجلس الرئاسي بشأن المحادثات حول مصرف ليبيا المركزي لا تستحق الوقوف عندها. عقيل استهجن هذه التصريحات، مؤكداً أن دغيم لا يمكنه التنبؤ بمن سيتولى منصب محافظ المصرف المركزي خلال أسبوع إلا إذا كان يمثل مصالح الولايات المتحدة في اللعبة التي تُحاك بليبيا.
عقيل تطرق إلى أن الأزمة التي تواجهها ليبيا، وتحديداً أزمة المصرف المركزي، لم يكن لها حلاً جاهزاً قبل أن تولد. المجلس الرئاسي، الذي وصفه عقيل بالهش والرمزي، لا يمتلك القدرة على التدخل الفاعل في هذه الأزمة. وفي سياق حديثه، استنكر فكرة تحول المجلس الرئاسي فجأة إلى قوة قادرة على التحدي والمواجهة، مشيراً إلى أن المجلس ليس له قوة عسكرية فعلية على الأرض تمكنه من إحداث تأثير حقيقي.
عقيل أكد أن غياب الطيران المسير الذي كان يحلق فوق البنك المركزي في السابق عندما قامت بعض المجموعات بمحاولة اقتحامه، يُظهر بوضوح حجم التواطؤ الخارجي. وأضاف أن هذا الغياب والتجاهل التركي يشير إلى أن هناك توافقاً دولياً ضمنياً حول ما يحدث في ليبيا، وأن تركيا، التي كانت في الماضي تدعم أحد أطراف الصراع، ابتلعت لسانها ولم تلتفت للأزمة الراهنة.
على صعيد آخر، عقيل أشار إلى الدور الأميركي البارز في الأزمة، مستشهداً بتصريحات المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز، التي استخدمت مصطلح “الأطراف ذات العلاقة” عند الحديث عن البنك المركزي، وهو ما يعد اعترافاً ضمنياً بكون المجلس الرئاسي طرفاً في الصراع حول المصرف. هذا الاعتراف، وفقاً لعقيل، يفتح الباب أمام فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد.
عقيل استعرض رفض الولايات المتحدة للاعتراف بالإدارة الانتقالية للبنك المركزي، ما أدى إلى استمرار الأزمة. إذا اعترفت واشنطن بتلك الإدارة، فإن الحل سيُفرض تلقائياً، وسيعود الليبيون للاختيار بين المرشحين لمنصب المحافظ. لكن بدلاً من ذلك، تستمر واشنطن في خلق بيئة ضاغطة للوصول إلى لحظة تقديم مرشح توافقي مقبول لديها.
المحلل السياسي أكد أن واشنطن لا تزال تتحكم في مصير ليبيا كأنها تتلاعب بقطة وفأر. ليبيا، التي يراها عقيل تحت الوصاية الدولية، تُدار وفقاً لمصالح القوى الكبرى. الأزمة الحالية ما هي إلا جزء من أعراض ومضاعفات هذا التلاعب الدولي الذي يهدف إلى إخضاع البلاد لأجندات خارجية.
عقيل أشار إلى أن الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي الحالي، رفض تمويل بعض الميزانيات، وهو ما أغضب بعض الأطراف الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة. الكبير أبدى تحفظاً واضحاً تجاه تمويل “الفيلق الليبي الأوروبي”، إذ يرى أن هذا التمويل سيزيد من الضغوط على العملة الليبية المحلية والأجنبية، ويهدد الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
في سياق الأزمة، نوه عقيل إلى أن تركيا، التي كانت تُعتبر من أبرز اللاعبين في الساحة الليبية، تراجعت عن دورها المعتاد. ولم تلتقِ مع الصديق الكبير خلال زيارة رئيس مخابراتها إلى طرابلس، رغم أنه كان يُفترض أن تلعب دوراً في حل أزمة المصرف المركزي. بدلاً من ذلك، التقى المسؤول التركي بالأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن الحل السريع للأزمة لم يكن ضمن أولويات تركيا في هذه المرحلة.
واختتم عقيل حديثه بالقول إن الولايات المتحدة تلعب دوراً محورياً في الأزمة الليبية، وهي تسعى إلى توجيه الأحداث بما يخدم مصالحها. ليبيا، التي تعاملها واشنطن كصبي تحت وصاية دولية، تعيش حالة من الانهيار الممنهج الذي تفرضه القوى الكبرى. واشنطن، وفقاً لعقيل، لن تسمح بانهيار ليبيا، لكنها ستواصل إدارة الأزمات لخلق ضغوط إضافية على النظام السياسي والاقتصادي الليبي.
في نهاية المطاف، يرى عقيل أن الأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي الليبي ما هي إلا جزء من معركة أوسع تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق في البلاد. التدخلات الخارجية، سواء كانت من الولايات المتحدة أو تركيا أو غيرها من القوى، ستظل تلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل ليبيا ومصير مؤسساتها السيادية.