في خطوة وُصفت بأنها حاسمة لمعالجة أزمة مصرف ليبيا المركزي، أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف المعنية لتعيين إدارة مؤقتة للمصرف. هذه الإدارة الجديدة ستكون برئاسة ناجي عيسى، والذي سيتولى منصب المحافظ، فيما سيكون مرعي البرعصي نائبًا له. كما سيتم تشكيل مجلس إدارة مكون من سبعة أعضاء، يتم اختيارهم بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة: برقة، طرابلس، وفزان.
يُعد هذا الاتفاق خطوةً محورية جاءت بعد جولات مكثفة من المفاوضات، التي استمرت لفترة طويلة وسط توترات سياسية واقتصادية حادة تعصف بالبلاد. فقد شهدت ليبيا خلال السنوات الأخيرة انقسامات حادة في مؤسساتها الاقتصادية، وخاصة المصرف المركزي الذي ظل في حالة شلل، حيث تأثرت الأوضاع الاقتصادية بفعل هذه الأزمة التي أسهمت في تدهور سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم.
واستنادًا إلى تصريحات صحفية للعرفي رصدتها “أخبار ليبيا 24″، فإن هذا الاتفاق يضمن تمثيلًا متساويًا وعادلًا للأقاليم الثلاثة في مجلس إدارة المصرف، بحيث يتم اختيار ثلاثة أعضاء من برقة، وثلاثة من طرابلس، وعضو واحد من فزان. هذا التوزيع يهدف إلى تحقيق التوازن والمساواة في اتخاذ القرارات، وضمان أن تكون إدارة المصرف متوافقة مع المصالح الاقتصادية للأقاليم المختلفة.
وأضاف العرفي أن جلسة المشاورات التي ستُعقد غدًا الأربعاء، برعاية البعثة الأممية، ستكون حاسمة في تحديد هوية الأعضاء ومدى فترة عملهم. ويأمل العرفي في أن تنجح هذه الجلسة في تحقيق الانفراجة النهائية التي ينتظرها الشعب الليبي، الذي طالما عانى من الفوضى الاقتصادية نتيجة هذه الأزمة.
أشار العرفي إلى أهمية إجراء عملية التسلم والاستلام لإدارة المصرف بشكل صحيح لضمان معرفة كل التفاصيل المتعلقة بأرصدة ليبيا واحتياطياتها. فقد أكد أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار الاقتصادي دون وجود شفافية كاملة في كيفية إدارة المصرف والأموال الموجودة به.
ويرى العرفي أن هذه الخطوة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي خطوة أساسية لضمان استعادة الثقة في المؤسسات المالية الليبية. وأضاف أن الشفافية في هذه العملية ستسهم في توجيه الانتقادات بعيدًا عن البرلمان، الذي طالما واجه اتهامات بالتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي.
لم تمر تصريحات مستشار رئيس المجلس الرئاسي زياد دغيم مرور الكرام، حيث وجه العرفي انتقادات لاذعة لدغيم بعد أن اتهم الأخير رئيس البرلمان بالمسؤولية وراء ارتفاع سعر الصرف. واعتبر العرفي أن دغيم يبالغ في اتهاماته ويصفه وكأنه “مضارب في سوق المشير بطرابلس”.
وقال العرفي إن مثل هذه التصريحات لا تساعد في حل الأزمة، بل تسهم في تأجيج الخلافات بين الأطراف السياسية والاقتصادية. وأضاف أن التركيز يجب أن يكون على إيجاد حلول جذرية للأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، وليس على توجيه اتهامات غير مدعمة.
يأتي دور البعثة الأممية في هذه المرحلة كمحور أساسي لضمان نجاح المفاوضات. فقد ساهمت البعثة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة، وساعدت في بناء توافق يمكن من خلاله التوصل إلى حل شامل للأزمة الاقتصادية. ويأمل الكثيرون أن تتمكن البعثة من إتمام هذه المهمة بنجاح، خاصة بعد أن تعثرت العديد من المحاولات السابقة لإيجاد حل.
مع قرب انعقاد جلسة المشاورات، يبقى السؤال الأهم هو: هل ستنجح هذه الإدارة المؤقتة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي طالما انتظره الليبيون؟ يرى بعض المحللين أن التحدي الأكبر يكمن في مدى قدرة هذه الإدارة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة. فليبيا تحتاج إلى إصلاحات عميقة على مستوى السياسات النقدية والمالية، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على المؤسسات المالية.
من جهة أخرى، هناك من يشير إلى أن الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح قد تحققت بالفعل من خلال هذا الاتفاق. وإذا ما توافرت الإرادة السياسية، فإن ليبيا قد تكون على مشارف تحقيق انتعاش اقتصادي بعد سنوات طويلة من الفوضى والتدهور.