اتفاق سياسي تاريخي يعيد الأمل لمستقبل ليبيا المالي
في خطوة مهمة نحو إنهاء الانقسام المالي الذي يعصف بليبيا، توصل ممثلو مجلسي النواب والدولة إلى اتفاق يعين ناجي عيسى محافظًا لمصرف ليبيا المركزي ومرعي البرعصي نائبًا له. هذا الاتفاق الذي أُبرم تحت إشراف الأمم المتحدة يمثل خطوة حاسمة نحو توحيد المؤسسات المالية وإنهاء الأزمة المستمرة التي ألقت بظلالها على اقتصاد البلاد. يأتي هذا التوافق بعد مفاوضات مكثفة جمعت ممثلين من الطرفين بمشاركة فريق من الأمم المتحدة بقيادة ستيفاني خوري.
وفقًا لنص الاتفاق، يجب تعيين المحافظ ونائبه في غضون أسبوع من تاريخ التوقيع، ويصدر مجلس النواب قرارًا رسميًا بذلك. يتولى ناجي عيسى مهامه كأول خطوة نحو استعادة الاستقرار المالي، وسيكون أمامه أسبوعان لاختيار أعضاء مجلس إدارة المصرف بالتشاور مع السلطة التشريعية، وهي خطوة أساسية لتوحيد الإدارة المالية في البلاد.
التحديات التي تواجه المصرف المركزي تتعلق بعدم وجود مجلس إدارة ثابت، وهو ما يمنع المحافظ ونائبه من ممارسة الصلاحيات بشكل قانوني. لذلك، جاء الاتفاق ليؤكد أن لا صلاحيات يمكن أن تُمارس في غياب مجلس إدارة معتمد، وفق المادة 16 من قانون المصارف لعام 2005. إضافة إلى ذلك، يلغي الاتفاق جميع القرارات التي صدرت بشأن إدارة المصرف والتي تتعارض مع نص الاتفاق السياسي.
الأمم المتحدة، من خلال بعثتها في ليبيا، تؤكد التزامها الكامل بدعم تنفيذ هذا الاتفاق. حيث صرحت ستيفاني خوري بأن الاتفاق بشأن المصرف المركزي يشير إلى بداية جديدة لمستقبل توافقي يمكن لليبيين البناء عليه. وتشدد خوري على ضرورة إشراك جميع الأطراف السياسية في ليبيا في حوار شامل يعالج القضايا العالقة، مما يمهد الطريق لتوحيد المؤسسات واستعادة شرعيتها.
تعتبر هذه الاتفاقية خطوة نحو توحيد السلطة المالية والرقابة المصرفية في البلاد، مما يسهم في استعادة الثقة في النظام المالي. ولعل هذا الاتفاق يمهد الطريق أمام الانتخابات المقبلة، حيث أكدت الأمم المتحدة أنها على استعداد للعمل مع جميع الأطراف لضمان انتخابات نزيهة وشفافة.
عبدالجليل الشاوش، ممثل مجلس الدولة الاستشاري، الذي كان جزءًا من فريق المفاوضات، تحدث عن صعوبة المفاوضات ودور فريق الأمم المتحدة في تحقيق هذه التسوية. يقول الشاوش: “فريق ستيفاني خوري كان حازمًا في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي، مما ساعد في الوصول إلى هذه النتيجة الإيجابية”. وأضاف أنه يناشد زملاءه في مجلسي النواب والدولة لدعم هذه التسوية، التي ستسهم في إنهاء الأزمة بشكل سريع.
في الوقت الذي يعتقد فيه الشاوش أن هذه الاتفاقية هي خطوة حاسمة نحو الاستقرار المالي، لا تزال هناك قضايا أخرى تنتظر الحل. من بينها توحيد باقي المؤسسات السيادية، وهي خطوة تعتبر حاسمة لضمان استقرار شامل في البلاد. يناشد الشاوش جميع الأطراف السياسية دعم هذه الجهود لتحقيق توافق وطني شامل.
من جانبه، يؤكد الهادي الصغير، ممثل مجلس النواب، أن الاتفاق لن يكون مكتملًا إلا بعد اعتماد المحافظ ونائبه من قبل مجلس النواب خلال أسبوع. هذه الخطوة تعتبر ضرورية لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل رسمي وقانوني.
هذا الاتفاق يعد بمثابة نقطة تحول في مسار الأزمة الليبية، حيث يمهد الطريق لتوحيد المؤسسات واستعادة الثقة في النظام المالي. رغم التحديات الكبيرة التي تواجه ليبيا على المستوى السياسي والاقتصادي، إلا أن هذا الاتفاق يشير إلى إرادة حقيقية من الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار.
تعتبر هذه الخطوة بمثابة فتح باب جديد أمام حوار وطني شامل، يشمل جميع الأطراف السياسية والمجتمع المدني، للوصول إلى انتخابات حرة وشفافة تعيد الثقة إلى الشعب الليبي. الأمم المتحدة، من جانبها، تؤكد استعدادها للعمل مع جميع الأطراف الليبية والإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والسلام والازدهار في ليبيا.
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه ليبيا، فإن هذا الاتفاق بشأن مصرف ليبيا المركزي يعتبر خطوة هامة نحو استعادة الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد. يتطلب الأمر الآن دعمًا من جميع الأطراف السياسية لتنفيذ هذا الاتفاق والوصول إلى توافق شامل فيما يخص باقي المؤسسات السيادية. الأمم المتحدة ستظل شريكًا رئيسيًا في دعم هذه الجهود لتحقيق الاستقرار والازدهار للشعب الليبي.