في خضم الأزمات المتعددة التي تعصف بالاقتصاد الليبي، تم الإعلان عن تعيين ناجي عيسى محافظًا لمصرف ليبيا المركزي ومرعي البرعصي نائبًا له. هذا التغيير يأتي في وقت حرج يشهد فيه الاقتصاد المحلي تحديات كبيرة، ويُثير تساؤلات عدة حول مستقبل السياسة النقدية في البلاد. هل ستكون هذه التعيينات بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي، أم أنها مجرد حلول سطحية لن تعالج جذور الأزمة؟
منذ سنوات طويلة، عانت ليبيا من الأزمات المالية المستمرة التي انعكست سلبًا على حياة المواطنين. يعتبر المصرف المركزي أحد أبرز الهيئات المسؤولة عن التحكم في السياسة النقدية، وقد كان لفشل السياسات السابقة في تحقيق الاستقرار المالي دور كبير في تفاقم الأزمة. وقد ارتبط اسم المحافظ السابق، الصديق الكبير، بالعديد من الانتقادات بسبب فشله في استعادة قيمة الدينار الليبي، مما جعله هدفًا للضغط السياسي.
تأتي التعيينات الجديدة كخطوة في إطار تحركات أوسع للتعامل مع الأزمة المالية. ولكن، كما أشار المحلل السياسي محمد قشوط، في سلسلة من المنشورات عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ورصدتها “أخبار ليبيا 24” فإن الأمور لن تكون سهلة، حيث أن المشاكل الأساسية لا تزال قائمة. يتمثل التحدي الأكبر في كيفية إدارة الأموال المتاحة، خاصة مع وجود حكومتين مختلفتين تتنافسان على الموارد.
مع التصويت الرسمي من المجلسين النواب والدولة على تعيينات المركزي، يمكن القول إن الأمور قد حُسمت، لكن المحلل قشوط يتساءل: هل ستؤدي هذه التغييرات إلى نتائج ملموسة على الأرض؟ ففي ظل وجود الأطراف المسببة للأزمة، تبقى الآمال معقودة على قدرة الإدارة الجديدة على معالجة المشاكل المالية.
إن وجود حكومتين متنافستين يزيد من تعقيد المشهد. فمع استمرار التوتر بين الحكومتين، يبدو أن الصرف للأموال سيظل محاطًا بالضبابية. وبالتالي، فإن الحكومة الجديدة ستكون مطالبة بتأمين موارد كافية لتمويل الاحتياجات الأساسية، دون الدخول في دوامة جديدة من الإهدار المالي.
رغم الأجواء التشاؤمية، هناك بعض المكاسب المحتملة من إزاحة الصديق الكبير. فبعد 13 عامًا من التربع على عرش المصرف المركزي، فشل الكبير في إعادة الدينار لقوته، ما يزيد من أهمية هذا التغيير. إن كانت الإدارة الجديدة قادرة على تحسين الوضع المالي للدولة، فقد يكون ذلك خطوة نحو تحقيق الاستقرار.
لكن المحلل قشوط لا يزال متحفظًا. فهو يشير إلى أن التغييرات في الأسماء لا تعني بالضرورة تغييرات في السياسات. ويبقى التساؤل قائمًا: هل ستنجح الإدارة الجديدة في تفكيك التعقيدات المالية التي تعاني منها البلاد؟
يؤكد قشوط على ضرورة وجود حكومة جديدة قادرة على إنهاء الانقسام السياسي. فعندما تتوحد الجهود تحت قيادة واحدة، ستصبح عمليات الإدارة المالية أكثر فعالية. في الوقت الحالي، يظل الوضع متعثرًا ما لم يُحدث تغيير جذري.
مع انتهاء هذه المرحلة من التعيينات، يبقى الأمل معقودًا على تحسين الوضع الاقتصادي في ليبيا. كل ليبي يتطلع إلى واقع اقتصادي أفضل، رغم التشاؤم الذي يكتنف الصورة العامة. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستخيب توقعات المحلل، أم سنشهد تغييرات إيجابية ملموسة؟
بينما ينتظر المواطنون بفارغ الصبر نتائج هذه التعيينات، يتضح أن الطريق نحو الاستقرار الاقتصادي ما زال طويلاً. إن التعاون بين مختلف الأطراف السياسية سيكون أساسيًا لتجاوز الأزمات الراهنة. فهل ستبادر الحكومة الجديدة بخطوات عملية تُسهم في تحسين الوضع، أم سنظل ندور في حلقة مفرغة من الأزمات؟
تعيينات ناجي عيسى ومرعي البرعصي تشير إلى بدايات جديدة لمصرف ليبيا المركزي، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية تستمر في تشكيل معضلة معقدة تحتاج إلى حلول جذريّة.