في سياق يكتنفه الكثير من التعقيد السياسي والانتقادات المتبادلة، علق عبد الحميد الصافي، مستشار رئيس مجلس النواب، على تصريحات زياد دغيم، مستشار رئيس المجلس الرئاسي وسفير ليبيا لدى هولندا. عبر مداخلة تلفزيونية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، أبدى الصافي اعتراضه الواضح على مواقف دغيم، متهماً إياه بتجاهل مصالح الدولة الليبية وانشغاله بحماية مصالح شخصية لصالح المجلس الرئاسي.
الصافي أشار إلى أن دغيم قد صدع رؤوسهم في السابق بقضايا تتعلق بتعيين كبار الموظفين ضمن المادة الثامنة من الاتفاق السياسي، حيث أكد أن هذه المادة تنص بوضوح على أن تعيين كبار الموظفين هو من اختصاص رئاسة مجلس الوزراء. وأضاف أن دغيم، بصفته سفيراً، لا ينبغي له العودة إلى ليبيا إلا بتعليمات من وزير الخارجية، مستنكراً ظهوره المستمر في وسائل الإعلام وممارسته للسياسة، في الوقت الذي يتساءل فيه الجميع عن من يتولى مهام رعاية مصالح الدولة الليبية في هولندا.
وتابع الصافي في تصريحاته قائلاً: “دغيم ترك مهامه الدبلوماسية وتفرغ لحماية مصالح شخصية، ما يثير تساؤلات حول دوره الحقيقي كسفير”. وأوضح أن المجلس الرئاسي كمؤسسة لم يوافق على ما يردده دغيم في تصريحاته، مشيراً إلى أن الأخير يتحدث من وجهة نظره الشخصية فقط، سواء كان ذلك بصفته سفيراً أو موظفاً في الدولة. الصافي أكد أن ما يقوله دغيم لا يمثل رؤية أو قراراً مجمعاً عليه داخل المجلس الرئاسي، بل مجرد مواقف فردية تتعارض مع الواجبات التي ينبغي عليه الالتزام بها.
كما أشار إلى أن دغيم احتج في السابق على مسألة التوافق داخل المجلس الرئاسي، متناسياً أن الرئاسي قد كلف عبدالله اللافي لحضور اتفاق في طرابلس، والذي تمت مباركته من قبل الجميع. وتساءل الصافي عن حق الرئاسي في تعيين المناصب السيادية السبعة المعروفة، مؤكداً أن هذا الحق لا يزال موضع نقاش داخل المجلس.
استمر الصافي في توجيه تساؤلاته لدغيم، مطالباً إياه بتحديد موقفه. حيث تساءل: “أين يقف دغيم اليوم من الذين انتخبوه ووضعوا ثقتهم فيه؟” مشيراً إلى أن دغيم بات محاطاً بتضارب في المهام، حيث يتنقل بين كونه سفيراً، مستشاراً لرئيس الوزراء، وعضو مجلس نواب، ما يثير الكثير من التساؤلات حول ازدواجية الأدوار التي يشغلها.
الصافي دعا إلى وضع حد لهذا الوضع الغامض، مطالباً بتحديد واضح للمسؤوليات التي يجب على دغيم الالتزام بها. فالأدوار المتضاربة التي يؤديها تساهم في تشويش المشهد السياسي وتزيد من حالة الفوضى الإدارية التي تعاني منها الدولة الليبية.
وفي إشارة إلى دور مجلس النواب، أوضح الصافي أن المجلس تلقى العديد من المقترحات لإصدار قوانين تخص تعيين المناصب السيادية، مضيفاً أن هذه القوانين تُدرس وتُقر أو لا تُقر بناءً على رؤية المجلس. وأشار إلى أن تصريحات دغيم تأتي في وقت حساس، حيث تشهد الساحة السياسية الليبية تصادماً في الرؤى بين مختلف الأطراف، الأمر الذي يزيد من تعقيد عملية اتخاذ القرارات الحاسمة.
الصافي لم يتوقف عند هذا الحد، بل طالب أيضاً بتوضيح النصوص المتعلقة بتعيين المناصب السيادية السبعة، داعياً إلى ضرورة وجود نص واضح وصريح يحدد من يملك الصلاحيات النهائية في هذا الشأن. فالمسألة لا تتعلق فقط بالصلاحيات، بل بمستقبل ليبيا ومصالحها الوطنية.
وسط هذه التجاذبات السياسية، يبقى السؤال الأهم: هل من حل لهذه الأزمة؟ الصافي يرى أن الحل يكمن في العودة إلى القوانين والاتفاقات التي تم التوافق عليها مسبقاً، والابتعاد عن المصالح الشخصية التي تسيطر على قرارات بعض السياسيين. فبدلاً من الانشغال بالظهور الإعلامي وممارسة السياسة بشكل غير مسؤول، يجب على المسؤولين التركيز على أداء واجباتهم بما يخدم مصلحة الدولة الليبية.
وفي الختام، يبقى الجدل قائماً حول دور زياد دغيم، الذي يبدو أنه غارق في ازدواجية المهام بين كونه سفيراً وممارسته للسياسة.