ليبيا الان

الفيتوري: استقرار الاقتصاد مرهون بتفعيل السياسة النقدية العميقة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

عبّر الاقتصاد بجامعة بنغازي، الدكتور عطية الفيتوري، عن تفاؤله بالخطوات الأخيرة التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي فيما يتعلق بزيادة الاعتمادات المالية للصناعة والتجارة وكذلك مخصصات التحويلات الشخصية. هذه الخطوات، بحسب الفيتوري، تشكل تقدماً ملموساً في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق استقرار العملة المحلية، الدينار الليبي.

يشير الفيتوري في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24” إلى أن هذه التدابير ستؤدي بلا شك إلى تحسين وضع الدولار في السوق الموازية، موضحاً أن التوسع في الاعتمادات التجارية والشخصية يساعد في تقليل الضغط على الدولار، ويعيد الثقة في الدينار الليبي. لكنه لا ينكر أن الطلب على الدولار سيظل مرتفعاً في البداية، لأن العديد من التجار لم يعد لديهم الثقة الكافية في العملة الوطنية.

يقول الفيتوري: “في البداية سيكون هناك طلب مبالغ فيه، ولكن مع إصرار المصرف على الوفاء بالتزاماته، سيتراجع الطلب تدريجياً”. وهذا الوضع لا يختلف عن الكثير من الدول الأخرى التي واجهت تحديات مشابهة. إذا ما استمر المصرف المركزي في التزامه بتغطية الطلب، سيشعر الجميع بالطمأنينة بأن الدولار سيكون متاحاً في السوق، وهذا بحد ذاته سيخفض الطلب عليه.

ورغم تأكيد الفيتوري أن هناك احتمالية لفقدان جزء من احتياطات المصرف المركزي نتيجة لهذه التدابير، إلا أنه يراها كجزء من الثمن الواجب دفعه لتحقيق الاستقرار. هذا التضحية قصيرة الأجل، وفقاً لرؤيته، لا بد أن تؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار في السوق الموازية، ما سينعكس بدوره على المستوى العام للأسعار. ولكن الفيتوري يشدد على أن هذا الانخفاض يجب أن يتم في إطار سياسات مدروسة ومستدامة.

في ختام منشوره، دعا الفيتوري إلى ضرورة تفعيل أدوات السياسة النقدية للتحكم في عرض النقود وضبط السوق. ويرى أن استخدام شهادات الإيداع (CD’s) وتفعيل سعر الفائدة وإعادة تشغيل السوق المالية الليبية من الأمور الحاسمة لضبط السوق وضمان عدم ارتفاع مستوى التضخم. هذه الأدوات تتيح التحكم في حجم السيولة المتداولة، وهو أمر ضروري لضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

تحليل الفيتوري لم يكن محصوراً فقط في تدابير المصرف المركزي، بل امتد إلى تأكيد أهمية الإصلاحات الهيكلية العميقة لضمان تحقيق استقرار اقتصادي مستدام. يرى أن الاعتماد على السياسات النقدية فقط دون وجود رؤية متكاملة للقطاع المالي والصناعي لن يحقق النتائج المرجوة. هناك حاجة ماسة لتفعيل القطاعات الاقتصادية المختلفة ودعمها لتكون جزءاً من الحل بدلاً من أن تكون عبئاً على الدولة.

ويشير في نهاية تحليله إلى أن استقرار الأسعار والعملة يتطلب “نفساً طويلاً” من المصرف المركزي، فلا يجب التراجع عن القرارات المتخذة خلال فترة قصيرة، لأن الثقة بالعملة الوطنية تتطلب وقتاً لبنائها وتجديدها. ويؤكد أن التجارب الدولية أثبتت أن هذا هو الطريق الصحيح، ولكن النجاح يتطلب التزاماً طويلاً بالسياسات المقررة، بغض النظر عن التحديات الاقتصادية القصيرة الأجل التي قد تواجهها الدولة.

فيما يتعلق بالسوق المالية، يشير الفيتوري إلى أن إعادة تفعيل هذا القطاع الحيوي سيكون له دور كبير في التحكم في عرض النقود. السوق المالية تمثل ميداناً مهماً لجذب الاستثمارات وتدوير رأس المال داخل الدولة، وعليه فإن تفعيلها يعتبر من أهم الأدوات المتاحة لتحسين السيولة والتحكم في التضخم.

من جهة أخرى، يرى الفيتوري أن العمل بسعر الفائدة من شأنه أن يحد من تدفق السيولة إلى السوق بصورة غير محسوبة، مما يتيح للمصرف المركزي قدرة أكبر على التحكم في تدفق الأموال وتحقيق الاستقرار المالي المطلوب. ويضيف أن هذه الخطوة لا يمكن أن تنجح إذا لم يكن هناك تنسيق شامل بين جميع الأطراف الاقتصادية والمالية في الدولة.

في النهاية، يؤكد الفيتوري أن نجاح هذه الخطوات يتطلب الالتزام بسياسات نقدية طويلة الأجل، حيث إن الأثر الفعلي على الاقتصاد لا يظهر بشكل فوري، بل يتطلب وقتاً وثقة من جميع الأطراف. وفي حال التزام المصرف المركزي بسياساته الحالية، فإن النتائج ستكون إيجابية على مستوى الاقتصاد الوطني والعملة الليبية.

ويختم الفيتوري تحليله بالقول: “لكل هدف ثمن، ولكن الثمن يجب أن يكون مدروساً ومنسقاً لتحقيق استقرار اقتصادي حقيقي ينعكس إيجابياً على حياة المواطن الليبي ومستوى الأسعار.”

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24