في مشهد سياسي متقلب تزداد تعقيداته يوماً بعد يوم، تبرز تصريحات مجلس النواب، جلال الشويهدي، حول إدارة مصرف ليبيا المركزي كمحور جدل مستمر. يتحدث الشويهدي بصراحة عن دور مجلس النواب في رسم ملامح المشهد المالي، مؤكداً أن المجلس هو الجهة الوحيدة التي تملك الحق في اقتراح أسماء المرشحين لعضوية مجلس إدارة المصرف المركزي. هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث يشهد الاقتصاد الليبي تحديات متزايدة، ويعتمد استقراره على قرارات سياسية قد تكون مدروسة أو عشوائية.
من بين النقاط التي أثارها الشويهدي في تصريحات صحفية رصدتها“أخبار ليبيا 24“، كان نفيه القاطع لأي دور لـمجلس الدولة في اختيار أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي. هذا التصريح جاء بمثابة استجابة للتساؤلات المتزايدة حول مشاركة مختلف الأطراف السياسية في صياغة القرارات الاقتصادية، لا سيما بعد تصاعد المخاوف من التداخل بين السلطات. الشويهدي كان واضحاً في تأكيده على أن مجلس النواب وحده هو المسؤول عن هذه العملية، مشيراً إلى أن أي تدخل من مجلس الدولة قد يعتبر انتهاكاً لتوازن القوى.
أحد المحاور الرئيسية التي تناولها الشويهدي كان مسألة تخفيض الضريبة على الدولار، وهي خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية على حد سواء. حسب تصريحاته، فإن هذه الخطوة لن تكون مفاجئة أو فجائية، بل ستتم بشكل تدريجي، مما يشير إلى وجود خطة معينة تهدف إلى حماية الاقتصاد الليبي من أي تداعيات غير محسوبة. هذه المقاربة التدريجية تسعى إلى تجنب الصدمات الاقتصادية التي قد تنجم عن تغيرات مفاجئة في سعر صرف العملة، والتي بدورها قد تؤثر على أسعار السلع الأساسية وحياة المواطنين.
في هذا السياق، عبّر الشويهدي عن أمله في أن تكون القرارات الأخيرة التي اتخذها المصرف المركزي نابعة من دراسات اقتصادية معمقة، وليست مجرد رد فعل سريع على متغيرات مؤقتة. فالتسرع في اتخاذ القرارات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة التي يمر بها البلد، قد يؤدي إلى نتائج كارثية يصعب السيطرة عليها لاحقاً. يرى الشويهدي أن أي قرار يجب أن يكون مبنياً على أسس علمية واستراتيجية بعيدة المدى، تراعي المصالح الوطنية وتضع الاقتصاد الليبي على مسار التعافي المستدام.
الاستقرار النقدي يلعب دوراً محورياً في استعادة الثقة في الاقتصاد الليبي، ويشكل أحد الأركان الأساسية لتحقيق التعافي على المدى الطويل. في ظل الانقسامات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، يشكل المصرف المركزي أحد الأدوات القليلة المتبقية التي يمكن الاعتماد عليها للحفاظ على استقرار العملة وتوفير السيولة اللازمة لدعم القطاعات الحيوية. من هذا المنطلق، فإن أي خطوة تؤثر على السياسة النقدية، سواء كانت تخفيضاً لضريبة الدولار أو إعادة هيكلة مجلس إدارة المصرف المركزي، يجب أن تكون مدروسة بعناية فائقة.
تصريحات جلال الشويهدي تسلط الضوء على أهمية توخي الحذر في التعامل مع الملف الاقتصادي الليبي، وتدعو إلى عدم التسرع في اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى تداعيات غير محسوبة. وفي الوقت نفسه، تبعث تصريحاته بعض الأمل بأن هناك إدراكاً للمعضلات التي تواجه الاقتصاد الليبي، وأن الخطوات القادمة قد تكون مدروسة بشكل أكبر. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح هذه الخطوات في تحقيق الاستقرار المنشود، أم أن الاقتصاد الليبي سيظل رهيناً للتجاذبات السياسية؟