شوبار: قراءة في مستقبل الاقتصاد الليبي في ظل الفساد الحكومي
أثار المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية بعد تصريحاته الأخيرة التي وجه فيها انتقادات حادة لحكومة الدبيبة المنتهية الولاية. شوبار أكد، في تصريحات صحفية خاصة لـ “أخبار ليبيا 24″، التي تميزت بالحدة والوضوح، أن ما صدر عن حكومة الدبيبة حول مساهمتها في انخفاض سعر الدولار “مجرد هراء”، بل وصفه بمحاولة لاستغفال المواطن الليبي الذي عانى على مدى سنوات من فساد الحكومة وعدم اكتراثها بمعاناته. في هذا السياق، يجب النظر بتمعن إلى هذه التصريحات التي تأتي في وقت حساس، إذ يسعى الليبيون للخروج من دوامة الفوضى والانقسام التي تعصف بالبلاد.
الاقتصاد الليبي بين الفوضى والتضليل
بحسب شوبار، فإن التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في حكومة الدبيبة بأنهم ساهموا في تحسين الوضع الاقتصادي، بما في ذلك انخفاض سعر الدولار، ليست سوى محاولة لتضليل المواطن الليبي. شوبار شدد على أن الانخفاض الطفيف في سعر الدولار يعود في الواقع إلى “المساعدات والاستشارات المالية التي يتلقاها مصرف ليبيا المركزي، من المجتمع الدولي”، وهو مؤشر على أن هناك جهداً دولياً لدعم الاقتصاد الليبي بعيداً عن التدخلات الحكومية التي يغلب عليها الفساد والمحسوبية.
شوبار لم يكتفِ بتوجيه الانتقادات لحكومة الدبيبة فحسب، بل اعتبر أن وجود حكومتين متنافستين في البلاد هو العقبة الأساسية أمام تحسين الوضع الاقتصادي. يرى شوبار أن هذه الحكومات تسعى فقط إلى النهب والسلب لمقدرات الشعب الليبي، بدلاً من العمل على تحسين الظروف المعيشية والخدمية. هذه الرؤية تتفق مع ما يراه كثير من المحللين الذين يؤكدون أن الفساد المتفشي في الجهاز الحكومي هو السبب الرئيسي وراء تعثر جهود الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
مصرف ليبيا المركزي بين الأمل والعقبات
رغم كل هذه التحديات، يعتقد شوبار أن مصرف ليبيا المركزي، والذي يعد من أهم المؤسسات الاقتصادية في البلاد، يمكن أن يكون مفتاح الحل في حالة توافر الظروف المناسبة. فوفقاً لتصريحاته، فإن المصرف يعمل حالياً بدعم واستشارات مالية دولية، وهي خطوات وصفها بأنها “مدروسة” وستؤدي إلى “هبوط تدريجي في سعر الدولار”. ولكن شوبار يشير أيضاً إلى أن تحقيق نتائج ملموسة يتطلب وجود “حكومة قوية بوجوه جديدة”، وهو ما يعبر عن ضرورة وجود تغيير جذري في الساحة السياسية الليبية.
إن مصرف ليبيا المركزي لن يستطيع أن يحقق أهدافه في ظل استمرار الفوضى السياسية والانقسام الحكومي. هذا ما دفع شوبار إلى التأكيد على أهمية “الإعلان عن حكومة موحدة وقوية” في أقرب وقت ممكن، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى مزيد من تدهور الاقتصاد الليبي.
الحكومة الجديدة: ضرورة لإصلاح الاقتصاد
شوبار لم يترك مجالاً للشك في ضرورة تشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد. في هذا السياق، قال شوبار إن “الليبيين بحاجة إلى وجوه جديدة” تتمتع بالكفاءة والنزاهة لإدارة البلاد. إن تشكيل حكومة قوية قادرة على القضاء على الفساد وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بات أمراً ملحاً. كما أكد أن هذه الحكومة الجديدة يجب أن تعمل جنباً إلى جنب مع مصرف ليبيا المركزي والمؤسسات الدولية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي المطلوب.
لكن هل ستستجيب الأطراف السياسية لهذه الدعوة؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في ظل حالة الاستقطاب الشديد التي تعيشها ليبيا. ففي حين يرى البعض أن الحكومة الحالية قد تستجيب للضغوط المحلية والدولية وتعمل على تحسين الوضع الاقتصادي، فإن آخرين يشككون في قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، معتبرين أن الفساد قد تغلغل بشكل يصعب معه الإصلاح دون تغيير جذري في الهيكل الحكومي.
المستقبل الواعد: هل يتحقق؟
ورغم هذه الصورة القاتمة التي رسمها شوبار للوضع الحالي، إلا أنه أبدى تفاؤلاً حذراً بشأن المستقبل. فقد أكد أن “المستقبل الواعد الذي ينتظر ليبيا سينطلق قريباً على يد سواعد أبنائها الخلص”. وهذه العبارة تشير إلى قناعته بأن الحلول لمشكلات ليبيا تكمن في أيدي الليبيين أنفسهم، شريطة أن يتمكنوا من تجاوز الخلافات والتوافق على تشكيل حكومة جديدة قادرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.
تحليل
تصريحات شوبار تعكس واقعاً معقداً تعيشه ليبيا، حيث يتداخل السياسي بالاقتصادي بشكل كبير. فالحكومة الحالية، سواء كانت حكومة الدبيبة أو غيرها، تجد نفسها في موقف حرج أمام الشارع الليبي الذي فقد الثقة في قدرتها على تحسين الأوضاع. وفي ظل غياب الحلول الجذرية، تظل المساعدات الدولية والاستشارات المالية التي يتلقاها مصرف ليبيا المركزي مجرد مسكنات لا تعالج الأسباب الحقيقية للأزمة.
وفي هذا الإطار، يبقى تشكيل حكومة جديدة قادرة على استعادة ثقة الشعب وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية هو الحل الوحيد المتبقي. وهذا ما يراه شوبار ضرورياً ليس فقط لإنقاذ الاقتصاد، بل لإعادة الأمل لليبيين الذين أنهكتهم سنوات من الصراع والفساد.
الخاتمة
يبقى أن نرى ما إذا كانت الأطراف السياسية في ليبيا ستستجيب لهذه الدعوات. فالوضع الراهن لا يحتمل مزيداً من التأخير، وكلما تأخرت الإصلاحات زادت معاناة الليبيين. ومع استمرار الفساد والنهب، يظل مستقبل ليبيا الاقتصادي معلقاً على قدرة الليبيين على اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.